رواية بقلم منى لطفي
انت في الصفحة 1 من 117 صفحات
الحلقة الأولى
يا اهل الدار أين أنتم باركوا لي يا قوم بئيت الباش مهندسة منة عبد العظيم بامتياز مع مرتبة الشرف صاحت منة بهذه العبارة ما ان فتحت لها الباب أمها التي سرعان ما اطلقت زغرودة كبيرة تصدح في الاجواء معلنة فرحتها بنجاح ابنتها منة وحصولها على بكالوريوس الفنون الجميلة قسم ديكور حضر والدها سريعا على صوت الجلبة التي أحدثتها كلا من ابنته وزوجته تكلم ما ان شاهدهما
ايه ايه مش تفرحوني معكم طيب ايه الاخبار يا بنت عبدالعظيم سبع ولا ضبع أجابته منة بمرح وهى تطوق كتفيه بذراعها
ألف ألف مبروك النجاح يا حبيبتي هو دا النجاح اللي يشرح القلب ويشرف بصحيح اقتربت منهما والدتها وعيناها تذرفان دموع الفرح وقالت لزوجها وهى تجذب يد ابنتها دافعة بها الى احضانها
أومال ايه بنتي دايما رافعه راسي عقبال ما افرح بيكي كدا مع واحد ابن حلال يعزك ويصونك قلبت منة عينيها مخاطبة امها
يا ټوفي الزمن ما بقاش هو الزمن دلوقتي لو الجواز مش هيكون فيه كل مقومات النجاح ويغير حياة الواحدة للأفضل يبقى بلاش منه احسن عموما سيبينا من الكلام دا وقفت واضعه يديها في خصرها وتكلمت بثقة قائلة وهى ترفع رأسها الى أعلى
ضړبتها امها بخفة على كتفها قائلة بجدية مفتعلة
ايه ټوفي دي يا بنت حد يقول لمامته ټوفي وبعدين باباكي وعدك بهدية كبيرة لما تنجحي وهو عند وعده وانا بقه ليكي عندي احلى حفلة لنجاحك
ضحكت منة ومالت على والدتها قائلة بغمزة من عينها
ايه بس يا أم منة زعلانه من ايه يا قمر هي ټوفي وحشة انت مش اسمك عواطف تبقي ټوفي على طول يا أحلى ټوفي بالكراميل انت يا جميل
تعالت ضحكات والديها التي قطعها صوت ضاحك آت من الداخل يقول
أيوة أيوة كوليها بكلمتين واقترب منها يشد أذنها بمرح محبب مكملا
ضحكت منة وقالت بمرحها المعهود متصنعة الألم من مسكته لأذنها
آي آي خلاص خلاص حرمت يا أبو حميد سماح النوبة دي
ترك أذنها وهو يضرب كفا بكف ويقول بدهشة ضاحكة
أبو حميد انت يا بنتي انت مش ناوية تبطلي تهريجك دا وبعد دا كله تقوليلي سماح سماح ماټت الله يرحمها
تصنعت منة الحزن قالبة شفتها السفلى وهى تقول
ماټت تصدق زعلتني
قاطع مشاغبتهما المرحة صوت والدهما الوقور الذي يحمل رنة الفرح بولديه
خلاص بطلوا انتم الاتنين تهريج وانت يا باش مهندسة واشار الى الاريكة المغطاة بكسوة قماشية فاخرة
ذهبت الأم لتحضير طعام الغذاء بينما جلس عبد العظيم مع ولديه واجابت منة سؤاله بحماس
انا طبعا عارفة انى ممكن جدا ييجي لي تعيين معيدة في الجامعه لكن انا عمري ما فكرت انى ادخل سلك التعليم دا
انا بحب الشغل عاوزة انزل مواقع واشتغل واشوف رسوماتي وهى بتتنفذ على الواقع عمري ما شوفت نفسي دكتورة جامعه وقاعده على مكتب ماليش في اللون دا
احمد وهو يضربها بخفة على رأسها
يا بنتي انت بنت لا الاه الا الله شوية انوثة شوية ايه متعرفيش تتكلمي زي البنات ابدا حاسس انى بكلم واحد صاحبي ومش أي صاحب كمان لا صاحب ضايع على الاخر
ابتسم الوالد لقول ابنه ووجه حديثه الى منة قائلا
هتضيعوا الوقت في الهزار بردو مفهمتش عاوزة تشتغلي في مكتب هندسي يعني
منة بانفعال حماسي
عارف بجد يا بابا نفسي في ايه نظر اليها والدها في تساؤل بينما ارتسمت شبح ابتسامة حانية على وجه شقيقها الذي يكبرها بخمس سنوات وهو يرى شقيقته الصغرى تخطط لمستقبلها بحماس ولمعت عيناه بفخر للثقة التي تتحدث بها فهي تعلم موضع قدميها تماما بل وتعلم بكل وضوح ما تريد القيام به الايام القادمة
منة متابعه بحماس
نفسي
اسافر بره يا بابا ايطاليا او باريس بلاد الفن الحقيقي انت عارف انى فنون جميلة قسم ديكور عاوزة اتعمق اكتر في دراستي وبفكر اسافر اكمل دراسات عليا هناك انا حاسة انى هتعلم هناك حاجات هتنفعني في شغلي بجد ايه رايك يا بابايا موافق
ليقاطعها صوت عال بصرامة
طبعا لأ
شهقت منة والتفتت الى امها التي نمت وقفتها عن جديتها البالغة وكانت قد أتت لاخبارهم بأن الطعام أصبح معدا على مائدة السفرة قامت منة من مكانها واتجهت الى والدتها محاولة تليين قلبها بدلالها المعهود بينما تبادل الاب وابنه نظرات تدل على معرفتهما برأي الام مسبقا
منة بدلال وهى تحيط كتفي أمها بذراعها
ليه بس يا ټوفي انا مابقيتش صغيرة دي فرصة يا مامتي حبيبتي علشان خاطري وافقي
الأم بجدية بالغة
عاوزة تسافري يبقى مع جوزك تتجوزى الأول وبعدين تبقي تسافري مطرح ما انت عاوزة انما غير كدا مالكيش كلام في الموضوع دا ودلوقتي ياللا علشان نتغدى قبل ما الاكل يبرد
اجابت منة بنزق
ايه دا انا اعرف الواحد يسافر بجواز سفر مش بجواز بحق وحقيقي والبيه هاخده ايه بقه ان شاء الله التأشيرة بتاعت السفر ولا هاند باج في ايدي على الطيارة وأسربه أول ما انزل منها
قالت الأم وهى تتأفف بغيظ
ايه تسربيه انت يا بنتي انت بتجيبي الكلام دا منين اهو دا اللي انت فالحه فيه التريقة
الاب تدخل مانعا ابنته من الرد على امها قائلا بجدية ونظرة صارمة على وجهه
منة خلاص اقفلي الموضوع دا دلوقتي يعني هي التأشيرة على الباب والطيارة مستنية ياللا نتغدى وابقي فكري كويس عاوزة تعملي ايه وانا ممكن اكلملك عمك فخري الشركة اللي هو بيشتغل فيها رئيس للشؤون القانونية شركة هندسية كبيرة بتبني مجمعات سكنية وبيحتاجوا مهندسين ديكور في تنفيذ التشطيبات الداخليه هكلمهولك وان شاء الله خير
رد احمد ضاحكا محاولا ترطيب الاجواء
معلهش يا والدي العزيز اذا كانت منة هتشتغل يبقى مع اخوها مش معقولة يبقى اخوها عنده مكتب هندسي واكون مهندس انشاءات اسمه ابتدا يلمع وهى تسيبني وتشتغل عند الغرب دي حتى كدا تبقى عامله زي القرع يمد لبره
كټفت منة ذراعيها وطالعته بسخرية قائلة
يا عم الغرور دا كله شوية تواضع علشان الغلابة اللي زيي وبعدين هو كان مكتبك لوحدك انت معاك اتنين غيرك
أحمد بثقة تامة
مالكيش دعوه اعتبري نفسك في فترة تمرين من بكرة انت عارفة عمر وسيف عمرهم ما هيقولوا لأ
منة وهى تصطنع المړض
يا خړابي هو انا قادرة عليك انت لوحدك علشان تجيب لي احمد وشركاه
الاب بجدية
خلاص نقفل الموضوع دا دلوقتي ويا للا علشان نتغدى وابقوا اتجادلوا بعدين
واتجه الاربعة حيث غرفة الطعام لتناول الاصناف الشهية التى تبرع في اعدادها الأم
استيقظت منة في صباح اليوم التالي ونظرت الى الساعة الموضوعة فوق الجارور بجانبها والتي تشير عقاربها الى السابعة والنصف صباحا شهقت ونفضت الغطاء من فوقها لتقوم سريعا وتناولت منشفتها متجهة الى خارج الغرفة بخطوات سريعة وهى تقول
مش هخلص من أحمد هيقعد يقوللي هتأخريني وأخرتيني
قابلت أم محمود السيدة الممتلئة البدن الخمسينية العمر والتي تأتي يوميا لمساعدة والدتها في شؤون المنزل ولم تكن موجودة بالأمس حيث صادف يوم أجازتها الاسبوعية ابتسمت منة ملقية عليها تحية الصباح
صباح الفل يا أم محمود
أم محمود ببشاشة
صباح الورد والياسمين على عيونك يا ست منة ياللا على ما تخلصي حمامك يكون الفطار جاهز
منة بابتسامة وهى تخطو سريعا للذهاب الى الحمام
أوكي يا قمر
أم محمود تبادلها المزاح
أوكيك يا عسليتنا
منة بتقطيبة جبين ونبرة جدية مفتعلة
كيك كيك بالشوكولاتة ولا البرتقال انت عارفاني الشوكولاتة حبيبتي أنا أنما البرتقال وحركت كتفها بدلال متابعة
أحبووووش
دخلت الحمام وسط ضحكات ام محمود
وقفت منة أمام مرآة الزينة في غرفتها تطالع شكلها النهائي اختارت طقما عمليا للذهاب الى المكتب الهندسي مع شقيقها يتكون من فستان قطني ابيض اللون يصل الى الركبة ذو نقوش من الازهار الصغيرة زرقاء اللون المطبعة على حواف الفستان من الاسفل وذات النقوش مطبوعة على حواف الكم القصير للفستان ومن الاسفل بنطالا من الجينز الازرق وفوق الفستان سترة قصيرة
بأكمام طويلة من الجينز الازرق ايضا وانتعلت حذاءا رياضيا أبيض اللون ثم عكصت شعرها الكستنائي الناعم الذي يكاد يصل الى خصرها على هيئة كعكة صارمة لتغطيه بعد ذلك بحجاب رقيق عبارة عن وشاح من القماش الناعم ابيض اللون موشي بتعاريج زرقاء بسيطة في لفة محتشمةابتسمت لما رأته امامها فهي أنيقة ولكن بغير اسفاف وضحكت عيناها اللوزتين المكللتين برموش طويلة معقوفة الى اعلى وكأنها موشاة بأداة تلوين الرموش ولكنه صنعة رب العالمين اسفلها أنف صغير مرفوع الى الاعلى دليل للعناد الذي هو خصلتها المتأصلة فيها ويعلو هذا الانف شفتين مكتنزتين حمراوين بلون ثمرة الفراولة الطازجة نظرت الى وجهها يمينا ويسارا ببشرته الذهبية والتي كانت تفخر بها فمن يراها يصفها دائما بأنها تملك الجمال المصري الاصيل وهذا الامر كان يبهجها فهي لم تكن كباقي فتيات جيلها ممن يصبغن شعورهن بالوان صاړخة ويرتدين العدسات الملونة فبرأيها ليس هناك أجمل من الهيئة التي خلقها الله عليها كان جسدها متناسق ومع أنها لم تكن من ذوات ممارسة الحمية بشكل دائم ولكن ممارستها لرياضة السير بشكل يومي في النادي الرياضي المشترك به عائلتها ساعدها في الحفاظ على لياقتها البدنية
لم تضع أي زينة كعادتها فهي ليست من هواة هذه الالوان التي يضعنها صديقاتها وكأنهن ذاهبات الى حفل ليلي وليس للدراسة او العمل او حتى يصلح للخروج نهارا واكتفت بمرطب للشفاه عديم اللون وارتدت حقيبتها القماشية بشكل عكسي كما تحب دائما كي يسهل عليها