الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية بقلم سهام صادق

انت في الصفحة 16 من 42 صفحات

موقع أيام نيوز

رأي 
الفصل الثالث عشر
صعد بهدوء الدرج واتجه نحو غرفة الولدين وطرق الباب بخفة حتى لا يستيقظا ولكن لم يجد رد ففتح الباب بهدوء ودلف داخل الغرفة ووقف مشدوها لما رأي 
تبثه الطمأنينة والأمان 
وقف يتأمل المشهد بمشاعر متضاربة من التعجب والذهول والسعادة والإعجاب بتلك المرأة التي إستطاعت أن تعطي كل تلك المشاعر
من حنان واهتمام وحب وطمأنينة في تلك الفترة الصغيرة ولا ينكر أن لو رأي ذلك المنظر غريبا لم يصدق سوي أن تلك المرأة أمهم دون شك 
ابتسم وهو يقول لنفسه أن ياسمين فازت حقا بما راهنت عليه متذكرا رده عليها عندما أخبرته أن تلك غصون هي الأجدر بالإهتمام ورعاية الولدين ولكنه أخبرها حينها أن فاقد الشىء لا يعطيه ولكنها أجابته بالنفي وأن العكس فاقد الشيء يعطيه
بسخاء وأن غصون ستخرج عاطفة الأمومة المكنونة بين أضلعها في حب الولدين الآن آمن أن ياسمين كان لها وجهة نظر صائبة ولم تخطئ فحقا ينام الولدين الآن وعلى وجههما الراحة والأمان الذي تمنى كثيرا أن ينعما به 
أشعل الضوء الخاڤت ثم اقترب بهدوء منهم لكي يحمل يزيد يضعه على السرير المجاور نظرا لضيق المكان خائڤا من أن ينزلق الولد من يدها واقعا أرضا ولكنه دون أن يدري وقف يتأمل ملامحها الهادئة شبه مبتسمة وكأنها هي الأخرى وجدت مأمنها مع الولدين تنام ببراءة تشبه براءة الطفلين اللذان يجاورنها ولأول مرة يدقق في ملامحها الجميلة الهادئة شعرها الأسود الناعم الذي يراه لأول مرة بدون ياسمين منذ ثلاثة أشهر وهي تأن ۏجعا من فقدان لجنينها وحرمانها من الأمومة مدى الحياة وۏجعها من دنيا لفظتها مستنكرة وجودها دون اهل وعائلة يتذكر دموعها وهي تقف أمام ذلك اللعېن الذي كان زوجها تنعي فقدانا وحرمانا وۏجعا
فاق من ذلك على ذكرى تنهش قلبه ولم تفارق صحوته ومنامه ذكرى حرمانا وفقدا ولكنه بشكل آخر فقدا مع سبق الإصرار 
في تلك اللحظة فزعت غصون وبحثت جوارها ثم نادت يزيد
الټفت لها ياسر يسكتها بس بس انا اللي نقلته كان هيقع
جلست وتملكها الفزع أكثر عندما علمت بوجود ياسر في الغرفة ثم رفعت تلقائيا يدها تتحسس شعرها الذي أنزلق من عليه الحجاب ثم تتحسس الوسادة باحثة عن حجابها وهي تقول بتوتر أنا آسفة النوم غلبني وانا بنيم الولاد ثم وقعت يدها على الحجاب ووضعته على رأسها ونهضت واقفة على الأرض أمام عيون ياسر الذي ينظر لتوترها وقلقها وكأنها 
أجابته دون أن تلتفت له همشي بقى طالما حضرتك جيت بالسلامة
رد عليها بتعجب تمشي تروحي فين الساعة واحدة بعد نص الليل
ابتلعت ريقها بتوتر وردت بإضطراب ظاهر في نبرة صوتها هرجع البيت ماهو مينفعش أبات هنا
تقدم أمامها ونظر لها بينما هي لم ترفع بصرها إليه وقال ممكن نطلع نتكلم بره عشان الأولاد ميصحوش 
هزت رأسها بالموافقة وبالفعل سبقها خارج الغرفة وتبعته هي فوقف قائلا متقلقيش ياغصون ممكن تكملي الليلة مع الولاد أم تنامي في الأوضة دي وأشار لغرفة مجاورة لغرفة الاولاد وخدي راحتك واقفلي على نفسك إنما خروج للشارع دلوقتي أظنه جنان في الوقت ده وكلها ساعات وهتيجي تاني يبقى ملوش لزوم
ازدادت ضربات قلبها من فرط التوتر الذي يتملكها في حضرته ولكنها حاولت تجميع ذلك الشتات الذي تلبسها وقالت ماهو أنا إجازة بكرة عشان ده يوم راحة حضرتك 
زفر بيأس من إصرارها وقال بحدة ادخلي ياغصون نامي وبكره ابقى امشي ثم اتجه ناحية غرفته
ودلفها وأغلق الباب خلفه وهو يعلم أنه بذلك يخيفها حاسما للأمر 
بينما هي كانت تقف مرتجفة من حدته وعندما انصرف من أمامها دخلت تلك الغرفة التي أشار إليها وأغلقت الباب خلفها تحاول تهدئة نفسها مما مرت به منذ قليل 
مايعود لذلك الجمود والشرود عندما يبتعدان عنهشعرت بالشفقة عليه والتماس العذر له فقد فقد زوجته ونصفه الثاني التي من الواضح أنه كان يحبها پجنون ووضح ذلك من منعه لها أن تدخل غرفته وغرفة مكتبه الذي اضطرت مرة لدخولها عندما تسرب إليها يزن خفية ممازحا لها واضطرت لدخولها
حتى تبحث عنه فوجئت عندما وجدت صورة كبيرة لفتاة جميلة تماثلها في العمر موضوعة على الحائط المقابل للمكتب أن تشعر بما يعانيه ويشعر به من فقدانها
دخل غرفته بإرهاق وبدل ثيابه وألقى بجسده المتعب على فراشه يتنهد مخرجا ذلك العناء الذي عاناه اليوم مابين غرف الكشف والمرضى والعمليات ولكن هيئة غصون الخائڤة المرتجفة منه دائما
تتسلط أما عينيه رغم قلة الحوار بينهما وعدد المرات التي اضطر لتوجيه حديث لها تعد على أصابع اليد ولكنه تعجب من ذلك الضعف الذي يتملكها دائما ولكنه ارجع ذلك لما عانته منذ صغرها كما حكت له ياسمين مما جعل بتلك الشخصية الخاضعة دائما ولكنه يمقت ذلك بشدة ويمقت أكثر ضعف النساء مما عاناه في حياته بسبب ذلك رفع بصره لتلك الصورة الكبيرة التي تقابل سريره ينظر لها كعادته كل يوم قبل أن يغفو فعلي الرغم من سخطه عليها منذ أن فعلت فعلتها ولكنه مؤخرا افتقدها بشدة ورغم انهماكه الشديد في عمله ومحاولة الهروب من تلك الذكرى المؤلمة ولكنه يشعر بالوحدة لذا وضع لها صورتين كبيرتين إحداهما في غرفته والأخرى في غرفة مكتبه حتى يشعر بوجودها جواره كانت الصورتين وهي في قمة حيويتها ونشاطهاأراد أن يرى دائما المظهر الذي كان يحبها عليه بإبتسامتها الجميلة وعينيها اللامعة وأعتاد منذ أن وضع تلك الصورة في غرفة نومه ان ينظر إليها حتى يأخذه النوم منها ولكنه اليوم ولأول مرة يريد أن يتحدث معها
لا يعلم لما ولكن شىء بداخله يريد أن تشاركه لحظاته خوفا من أن تسرقه الحياة من حبه لها كما سرقها المۏت منه 
قاطع حديثه عدة طرقات خفيفة على الباب فسأل مين 
علم أنها غصون عندما أجابت أنا غصون
مسح وجهه بيده ثم فعل ذلك على شعره كاملا وكأنه يزيل ذلك الضعف الذي تملكه من ذلك الحديث الذي وجعه ينهش بداخله دائما ثم نهض وفتح الباب وجدها تقف بهيئتها التي تركها عليها منذ قليل تنظر أرضا وتفرك فستانها بيدها متوترة فسألها بهدوء أيوة ياغصون عايزة حاجة ولا لسه مصرة تمشي 
هزت رأسها بالنفي ثم قالت بتوتر كنت جاية أسأل حضرتك لو محتاج عشا او حاجة تشربها يعني يعني بعد تعبك طول اليوم في الشغل
تحتاج حاجة
إنما
قاطعها بحدة أنتي هنا عشان الولاد بس ميخصكيش أنا محتاج إيه وعايز إيه وأظن مفيش ست محترمة تخبط على أوضة نوم رجل في وقت زي ده متحججة باللي بتقوليه ده إلا إذا كان لها غرض تاني
رفعت يدها تغطي فمها من صډمتها مما ظنه وتفوه به وهزت رأسها غير مصدقة ماسمعته ثم استدارت من أمامه تغادر الدور العلوي هابطة الدرج في سرعة شديدة وبعد لحظات سمع صوت إغلاق باب المنزل وكأنها تخبره أنها غادرت المنزل بأكمله 
أدرك جرم مافعله وتفوه به فكور يده ورفعها پغضب يلكم الجدار الذي يجاوره قائلا غبي غبي إيه اللي أنت قولته ده
خرجت مسرعة تغادر ذلك المنزل عازمة على ألا تعوده مرة أخرى حتى لو اضطرت لترك المكان الذي تقيم فيه عند أخته سارت بعض الخطوات تبحث عن وسيلة مواصلات تقيلها في ذلك الوقت المتأخر ولكنها تذكرت فجأة أنها تركت حقيبتها في منزل ياسر بما تحتويهاولكنها عزمت على عدم العودة لو اضطرت أن تذهب سيرا على الأقدام لو استغرق ذلك ساعات ولكنها سرعان ما خشيت وغيرت اتجاهها للعودة عندما وجدت شاب ينظر لها نظرة غير مريحة ويتقرب منها وكلما ابتعدت يصر على الإقتراب فأسرعت خطواتها حتى أصبحت تجري ولم تتوقف حتى وجدت نفسها أمام
بوابة منزله مرة أخرى ولكنها اطمأنت بعض الشىء عندما تلفتت حولها فلم تجد ذلك الشاب 
دخلت بثقل إلى حديقة المنزل ثم اتجهت إلى إحدى الأشجار النائية عازمة أن تظل مختبأة تحتها حتى تشرق الشمس وتعود 
دخل غرفته وجلس على طرف فراشه منحنيا يستند جبهته بكفه يتنهد معاتبا نفسه على ما أخطأ بقوله فهو يعترف لنفسه أنه لم يجد سوءا قط وهو الغبي
الذي أصبح مريضا بفقدان الثقة في الجميع بعدما مر به لذا نهض فجأة يلتقط مفاتيح سيارته عازما على إعادتها والإعتذار منها فهي لم تستحق ذلك الأڈى والإهانة بعد
كل مافعلته من أجل ولديه هبط الدرج وخرج من المنزل باحثا عنها بعينيه في المكان متجها ن عندما ظنت ذلك فهي ابنة الحړام الذي يرى الجميع أن بإستطاعتها فعل ذلك كما فعلته أمها تبكي وصمة ألزمتها مدى الحياة وۏجعا لم ولن تبرأ منه 
تبكي بحړقة مناجية ربها بصوت مسموع أنا ذنبي إيه بس يارب في حياتي دي اخترت ليا أطلع الدنيا من غير أهل ورضيت وقولت كفاية عوضك بعيلتي اللي اتربيت وسطهم ورغم العڈاب اللي شوفته في حياتي بس قولت الناس كلها حياتها صعبة مش مشكلة وأما أردت وحرمتني إني أبقى أم قولت مش مشكلة ده نصيب ويمكن خير وفرحت بعوضك ليا في الولدين اليتامى دول وعشت عمري أرضيك وأطيعك وعمري ماعملت حاجة حرام يبقى ليه عبادك كلهم شايفني رخيصة كده ريحني ياارب يا تاخدني عندك انا مليش مكان وسط البشر دول صدقني مليش مكان
انتفضت عندما وجدت من يجلس بجوارها قائلا بهدوء أنتي فعلا ياغصون أنقى وأطهر من البشر دول كلهم صعب تلاقي حد زيك كده في زماننا ده 
عندما وجدته اطمأنت قليلا أنه ليس الغريب الذي كان يطاردها ولكنها أشاحت بوجهها عنه وتذكرت ماقاله لها وزادت دموعها في الانهمار حتى فقدت القدرة على التحكم في شهقاتها 
نظر إليها بحزن وندم شديد وتمني لو يستطيع فعل شىء يكفر به عن خطأه في حقها ولكنه لم يملك سوي أن قال أنا آسف أنا عارف إني غلطت فيكي بس أنا مقصدتش يمكن ضغوط الشغل مأثرة عليا فمفكرتش في الكلام قبل ماأقوله
الټفت بوجهها ناحيته وقالت بصوتها المتقطع من شدة البكاء وقالت أنا مش وحشة والله وعمري ماعملت حاجة غلط وكنت رافضة شغلي هنا عشان عارفة إن مينفعش أشتغل في بيت رجل عازب بس حبي ليزيد ويزن هما اللي اضطروني إني أوافق وأنا فعلا جيت لك الأوضة عشان اشوفك لو محتاج حاجة أقدمهالك وده بس عشان جميل مدام ياسمين اللي هيفضل في رقبتي طول العمر مش عشان أنا نيتي حاجة وحشة لا سمح الله 
نظر لوجهها الذي أصبح كتلة حمراء من شدة البكاء وعينيها اللتان اختفى بياضهما واحتل مكانهما اللون الأحمر شعر بشىء ينهش في قلبه على حالها وعلى ماتسبب فيه واستنتج
كم هي هشة ضعيفة
15  16  17 

انت في الصفحة 16 من 42 صفحات