الشيطان شاهين الجزء التاني بقلم ياسمين عزيز
أنها كانت
تريد بناء سعادتها دون إهتمام بټدمير عائلة
أخرى... جذبت يدها و هي ترمقه بنظرة مشمئزة
لخصت فيها إجابتها قبل أن تغادر مغلقة
الباب وراءها بقوة...
في القصر....
كانت فاطمة تقف بعيدا في مكان منزو
و تراقب بأعين تقدح شررا غريمتها يارا
التي كانت تجلس بجانب زوجها يتناولون
فطور الصباح رأتها تمسك كوب العصير
إشربي... إشربي بالهناء والشفاء.. كده
مفاضلش غير إني ألاقي طريقة عشان
أحطلك علبة الدواء في اوضتك....
ضغطت على أسنانها پغضب و هي
تتذكر عجزها في فعل ذلك بسبب كاميرات
المراقبة التي في الجناح...حتى الغبية
هانيا...كما تسميها.. رفضت مساعدتها بعد
شراب أروى...ووعدتها بأنها ستجد طريقة
أخرى أكثر أمانا حتى لا يشكوا فيهما
فإذا تأذت يارا و أروى في نفس الوقت
و بنفس الطريقة سيعلم الجميع بسهولة
أنها هي الفاعلة و هذا ما أدركته قبل أن
فوات الأوان....لذلك ألغت هذه الخطة
و إستبدلتها بحل آخر أكثر أمانا.. ففي النهاية
بأذية أروى حاليا....
أستغفر الله الذي لا إله إلا هو و أتوب إليه
في الصباح....بعد اسبوع آخر.
أطل صالح من شباك غرفته ليجد العمال
في الحديقة يعملون بجد و نشاط بدا الطقس
دافئا و مشرقا تتخلله بعض النسمات الباردة
تنفس الهواء بقوة ليملأ رئتيه برائحة الزهور
كانت يارا قد إستيقظت للتو...
لم يستطع إمساك ضحكته و هو يراها تجلس
على حافة السرير تتثاءب بينما شعرها المنكوش
كان يغطي نصف وجهها رغم ذلك كانت رائعة
الجمال.. أخفض بصره نحو بطنها المسطحة
التي لم تبرز بعد لانها لاتزال في شهرها الثاني
شعر بإحساس جميل يغزوه و هو يتخيل أمامه
قائلة بعيون نصف مغمضة..
صباح الخير....
صباح الجمال .
تحدث صالح بمزاح و هو يضحك
لترمقه يارا بنظرات حانقة بينما رفعت يداها حتى
تلملم خصلات شعرها الثائرة معلقة..
و مالك بتقولها كده من غير نفس...طبيعي
يكون شكلنا منعكش لما نصحى من النوم عادي
توقف صالح بجانبها ثم وضع يده على رأسها
و يعبث بشعرها حتى أفسده من جديد قائلا..
و هو أنا كنت قلت حاجة...أحلى منعكشة
شفتها في حياتي و الله .
ضغط على رأسها أكثر لتزيح يارا ذراعه
متمتمة بانزعاج من مزاحه الثقيل..
إوعى بقى.. إنت فاكرني واحد صاحبك
راسي هيتكسر تحت إيدك.
متقلقيش داه يابس و مبيتكسرش بسهولة
حتى شوفي .
اه حرام عليك سبني يا مچنون...يا أخي ألف مرة قلتلك راعي فوق الاحجام و القوة أنا مش قد عضلاتك دي و متنساش كمان إن انا حامل .
صړخت يارا عندما نقر صالح علي رأسها
بإصبعه مداعبا إياها دون مراعاة لقوته
المفرطة التي يتمتع بها و جسده الضخم
و عضلاته الحديدية مقارنة بزوجته الرقيقة...لينفجر
ضاحكا بعد سماع إحتجاجها فهي بالفعل كانت كيمامة صغيرة بين براثن صقر عملاق..
أرخى قبضته عليها و هو يقول..
طب خلاص متزعليش انا كنت بهزر معاكي اصلك
صاحية حلوة أوي النهاردة...إنت مش شلتي الميكاب إمبارح أمال داه إيه
مرر إصبعه على شفتها و هو يتظاهر بأنه متعجب
لتزيح يارا يده مرة أخرى و هي توضح..
أنا مش حاطة حاجة و بعدين مش إنت
اللي مسحتلي الميكاب بنفسك
إنت نسيت و إلا بتستعبط .
نطقت آخر كلمة بصوت خاڤت خوفا من
إثارة غضبه فهي تعلم أنه يتعمد المزاح معها و تغيير معاملته لها منذ أيام لكن ذلك لا يعني أن تتجاوز حدودها معه...سمعها صالح لكنه لم يعلق
بل سعد كثيرا لأنها بذلك بدأت تتخطى خۏفها
منه شيئا فشيئا بل تابع مزاحه..
الحمد لله الواحد فلوسه اللي دفعها في الفرح و الشبكة مراحتش خسارة...
رمشت عدة مرات لتغلق عينيها ثم
تفتحها
قبل أن تفهم مايرمي إليه لتمط شفتيها و تتحدث
بلامبالاة..قصدك إيه لو مش عاجبك
تلقني طلقني إحنا لسه عالبر...
رفع صالح حاجبيه بينما تسللت إحدى يديه
ليتحسس بطنها قائلا..
لسه عالبر أمال داه إيه إمشي يابت
الظاهر إن الأسبوعين اللي قضيتيهم في
الشغل أثروا على دماغك .
دفعها بلطف نحو الحمام حتى تجهز نفسها
توقفت فجأة عن السير عندما لمحت الساعة
تشير إلى العاشرة صباحا...شهقت بصوت عال و هي
تلتفت نحو صالح بملامح باكية لتسأله..
يا نهار اسود دي بقت الساعة عشرة... إنت ليه مصحتنيش زي ما بتعمل كل يوم
أنا كده تأخرت على الشغل....
نظرت نحوه فوجدته يبتسم دلالة على أنه
فعل ذلك عن عمد فصالح دائما يستيقظ
باكرا ليقوم بتمارينه الصباحية ثم يستحم
و يجهز نفسه للذهاب إلى العمل بدا مستمتعا
جدا و هو يراها ټضرب الأرض بقدمها و تتمتم بعدة كلمات غير مفهومة لكنه كان على يقين من أنها
تشتمه قبل تختفي داخل الحمام دقائق قليلة ثم خرجت حاملة
بيدها منشفة صغيرة تمسح بها وجهها بطريقة
عشوائية و سريعة...
فتحت علبة المرطب الشفاف لتضع منها على
وجهها بحركات دائرية ثم أمسكت بشعرها
و ربطته إلى الأعلى حتى تسهل حركتها
ثم لونت شفتيها بلون وردي هادئ و إستدارت
متجهة نحو غرفة الملابس لترتدي ثيابها
و تذهب إلى المطعم لكن صالح إعترض طريقها
ليوقفها قائلا..
إنت حامل على فكرة المفروض تتحركي
بالراحة...
عبست في وجهه و هي تجيبه هاتفة بلوم..
إنت السبب لو كنت صحيتني بدري مكانش
داه حالي..إنت عملت كده قاصد صح عشان
كده فايق مبسوط و بتهزر .
نفى برأسه بينما حطت يداه على كتفيها ليثبتها
فهي كانت تنوي متابعة طريقها بعد إنهاء جملتها
و تحدث موضحا..
مش قلتلك الأسبوعين اللي عديتهم في الشغل
لحسوا دماغك... إنت ناسية إن النهاردة خطوبة
هشام.
نفخت يارا وجنتيها بضيق و هي ترفع يدها
لټضرب جبينها مستذكرة..
مش عارفة أنا إزاي كنت ناسية ...يوووه.
إستدارت نحو الفراش و هي تتثاءب قائلة..
الخطوبة بالليل يعني لسه بدري... هنام ساعتين
ثلاثة و بعدين هصحى أجهز نفسي .
أمسك صالح معصمها و جذبها لتقف أمامه من
جديد..توترت بشدة و تغيرت ملامحها الساكنة
.. ثم
دمدم بنبرة رغم أنها كانت دافئة إلا أنها
بالنسبة ليارا لم تكن كذلك عالاطلاق..
الاسبوع اللي طلبتيه عدا خلاص و إنت لسه
مجاوبتنيش
أدرك صالح أنها تتهرب منه لكنه رغم ذلك
تجاهل ماتسعى إليه مذكرا إياها من جديد..
عاوزة إيه مقابل تدي لجوازنا فرصة ثانية .
جف
ريقها و شحب لونها و كأنها لأول مرة تسمع
هذا الاقتراح منه طوال الاسبوع الماضي و هي
تتجاهله و تدعو أن ينسى لكن هيهات
و يطالبها
بجواب رغم كل ما فعله بها من قبل..
هتف صالح من جديد مستشعرا ما تمر به
من تذبذب لذلك وجب عليه إستغلال الفرصة
حتى يجعلها تحت سيطرته
خلينا ننسى كل اللي فات و أي حاجة إنت عاوزاها أنا هنفذهالك بس خلينا نبدأ صفحة جديدة
أنا صح وعدتك إني هسيبك بعد ما تولدي
بس مش واثق إنك هتقدري تعيشي من غير
إبنك... إنت مهما كان أم و الام بتضحي بكل حاجة
عشان ولادها.. حتى لو طلبوا حياتها .
إنطلقت شرارات غاضبة من عينيها نحوه
قبل أن تنتفض هادرة بنفاذ صبر فإذا كانت طريقته
في إصلاح الأمور هي إستغلال عواطفها فهو
مخطئ إذن ..
اديك قلتها عشان ولادها...أي أم مستعدة
تضحي بروحها عشان ولادها لما تكون
جايباهم بمزاجها من راجل بيحبها
و بيحترمها أما أنا فظروفي مختلفة خالص
و هعتبر نفسي متجوزتش اصلا...و إبني لما يكبر
أكيد هيفهم أنا تخليت عنه ليه.. أحسنله يعيش
من غير أم...
أضاف صالح باستهزاء..يعني عاوزاه يعيش
يتيم و مامته موجودة و إلا عاوزة ست ثانية هي اللي تربيه و تكبره و يبقى إبنها بدالك ... إنت واعية بتقولي إيه
طبعا لا أنا لايمكن اسيب إبني يعيش مع مختل
زيك أنا بس مستنية الفرصة عشان إهرب
منك و أربي إبنك بعيد عن عالمك الۏسخ..
كانت تلك الإجابة التي دارت في عقلها ودت لو
أنها تستطيع الانفجار في وجهه و قول كل كلمة
كتمتها داخل قلبها لمدة شهور لكنها تراجعت
في آخر لحظة لتجيبه بدلا بأيجاز سعيا منها
لإنهاء هذا الجدال العقيم... لن تعود له حتى لو
قتل نفسه أمامها..
صالح إنت وعدتني و إتفقنا خلاص أنا هديك
البيبي مقابل إنك تحررني منك...إنت ليه مش
عاوز تفهم إن أنا خلاص بقيت عايشة بالعافية
چثة من غير روح بستنى باليوم و الليلة إمتى
أتحرر منك...صدقني أنا لابقيت أنفع لا ليك
و لا لغيرك محتاجة ألف سنة لقدام عشان أرجع
طبيعية زي ما كنت...طلقني يا صالح و شوف
حياتك مع غيري...
رد عليها صالح و هو يرفع يده خلف رأسها
ليجعلها تنظر إليه..بس أنا مش عاوز غيرك
وافقي يا يارا عشان إبننا و عشان نفسك...
أنا و الله تغيرت كل اللي عملته فيكي قبل كده
كان بدافع الكره و الاڼتقام بس دلوقتي خلاص
خلينا ننسى اللي فات و نبدأ صفحة جديدة
اليوم اللي بيروح مابيرجعش و حياتنا قصيرة
مش عارفين بكرة مخبيلنا إيه حرام نضيع اللي
باقي من عمرنا عشان العند .
يارا بسخرية..
عند طبعا عندك حق تقول كده ما إنت حضرتك
دست على رجلي عشان تقلي معلش و خلينا
نبدأ صفحة جديدة... إنت ناسي إنت عملت فيا
إيه أنا وصلت بفكر أنتحر عشان أخلص من عذابك و ذلك ذل داه إنت لحد دلوقتي معتذرتش
للدرجة دي الحكاية عندك بسيطة و مش مستاهلة .
تركها لتترنح في وقفتها و هي تتنفس بقوة
من شدة تأثرها حتى أن أطرافها بدأت ترتعش
و فقدت السيطرة عليها ليمسك بها صالح مرة
أخرى و يساعدها على الجلوس على الكرسي
و بعد أن جلست نفضت يده بعيدا عنها
ثم أدارت وجهها بعيدا عنه ليغير صالح الحوار
كي لا تسوء الأمور اكثر و يزداد إصرارها على
الرفض أكثر...المسكينة لاتدري أنه قد قرر أمرها و
إنتهى و إن ظنت أنه سيتركها يوما فمن الأفضل
أن تستيقظ سريعا من أحلامها...
الساعة بقت إحداشر أدخلي جهزي نفسك
عشان هنخرج .
أجابته ببرود لكن صوتها خرج مرتعشا
هنروح فين
مر صالح بجانبها ليأخذ هاتفه قائلا..
أولا هنروح كافيه عشان نفطر
و بعدين ندور على فستان جديد عشان
تحضري بيه الحفلة.
يارا بجمود..
بس أنا عندي فساتين كثيرة لسه ملبستهاش.
صالح..كلها بقت قديمة يلا بقى ياروحي
هنتأخر...أنا هعمل كام مكالمة للشغل تكوني إنت
جهزتي نفسك... اااه و متنسيش كمان تختاريلي
هدومي اللي هلبسها .
تنهدت بصوت عال قبل أن تدخل غرفة الملابس
عدة دقائق لتنتقي له ملابس عشوائية قميص
دجينز ازرق و فوقه قميص زيتي و معطف
أسود و طبعا
لم تنس حذاءه الفخم المصنوع
من جلد طبيعي يساوي ألاف الجنيهات...
وضعتهم فوق السرير ثم عادت لترتدي
ملابسها المكونة من فستان وردي هادئ و
معطف فرو بلون الكراميل و حذاء ذو كعب
عال....
خرجت من غرفة الملابس و سارت نحو
التسريحة لتلقي طلة اخيرة على وجهها
و شعرها الذي جعلته في شكل كعكة عشوائية
كما تفعل دائما عندما تكون مستعجلة....
أخذت حقيبتها ووضعت فيها بعض الأشياء التي
تحتاجها ثم إلتفتت نحو صالح التي تذكرت للتو
أنه موجود معها في نفس الغرفة فعقلها كان
مشغولا باسترجاع ما دار بينهما من حوار منذ قليل....
هتفت بصوت خاڤت و هي تتجنب النظر إليه
فهو كان يتابع حركاتها منذ مدة دون أن تتفطن له..
أنا جهزت لو عاوز خلينا نخرج ..
إنتبهت لأزرار قميصه التي أغلقها بطريقة
عشوائية دون أن تعرف أنه فعل ذلك عمدا
ترددت قليلا قبل أن تقرر تنبيهه رغم أنها
كانت متعجبة فهي لم تعهده بهذا الإهمال مسبقا
بل دوما يهتم بأناقته كثيرا...
الزرار....
تكلمت و هي تشير نحو قميصه الذي بدأ
مائلا بعض الشيئ حيث كانت جهة أعلى
من الجهة الأخرى...لينظر