الأحد 24 نوفمبر 2024

رواية بقلم ډفنا عمر

انت في الصفحة 21 من 31 صفحات

موقع أيام نيوز

علي اسرارنا.. 
لا طبعا وكلامك مظبوط..
يابنات الأكل جاهز تعالوا
حاضر يا ماما جايين.. 
ونهضت وهي تقول يلا يا سيرو وبعدين نكمل كلامنا.. 
ماشي ياقلبي..
انقضت أمسيتهم القصيرة في بيت والدي شمس ثم غادرت الأخيرة مع زوجها لمنزل الزوجية.
خليكي هنا ثواني هدخل الشنط بس.. 
تعجبت طلبه ومكثت قرب باب شقتها تنتظره فعاد لتري قامته تنحني ليحملها كأنه يحمل عصفورة صغيرة هامسا دي أول مرة ندخل شقتنا بعد الجواز.. ولازم تدخلي وانتي على دراعي..
رعدة أصابت خافقها أفقدها كل شيء عدا الشعور بقربه.. ولج بها للمرة الأولى وهي عروسه..لتهبط قدماها فوق أرض غرفتهما مع وهمسته وحشتيني.. 
تغمض عيناها وصوته ينفذ إليها ويتغلل بروحها..كلماته تخبرها عن مقدار شوقه لها لتسقط بلحظات أسيرة هذا الشوق راضية كل الرضا بهذا الأسر.. 
ايه أخبار المكتب يا أشرف
هتف بها جسار وهو يأخذ موقعه خلف مكتبه ليجيب الأخير أطمن الدنيا ماشية وكسبنا كذا قضية وفي زباين منتظرينك بيقولوا عايزينك تتولي قضاياهم بنفسك.. 
تمام خلي السكرتيرة تحدد لهم مواعيد بكره وآدم اخباره ايه معاك
الحقيقة بيشتغل بمنتهي الجدية والتفاني.. 
ده من حظي يا أشرف انكم بتساعدوني.. لولاكم كان المكتب اتقفل من زمان..خصوصا مع شغلي في شركة أمين بيه.. 
احنا معاك وفي ضهرك دايما وانت مش مقصر وبتدينا تعبنا وزيادة. 
ده حقكم يا أشرف..
واستطرد باهتمام خلينا بقي في الأهم يا صاحبى..عايزك تاخدلي معاد من والدك في أقرب وقت زي ما اتفقنا قبل كده عشان هناخد البنت الحلوة اللي عندكم لأخويا رائف.. قلت ايه
ابتسم أشرف ده انتوا تنوروا يامتر ونسبكم يشرفنا أكيد خلاص هاخد معاد من بابا وهبلغك يا صاحبي.. 
بس بسرعة أحسن رائف مش صابر.. أختك جننته. 
قهقه صاحبه لا معلش ابنكم مچنون من الأول.. 
فبادله جسار ضحكته في دي عندك حق بس تعرف يا أشرف مبسوط اوي ان رائف فكر في أريج وعلاقتنا هتكون أقوي..والله كأنه هياخد أختي. 
غزاه شعور قوي بالامتنان لأن رفيقه لم يغيره شيء مازالت أواصر صداقتهم بنفس متانتها بل تزداد يوما عن يوم قوة.. 
والله نفس شعوري لما عرفت ان اخوك عايز اختي.. 
انه هيقربنا سوا ربنا يديم صداقتنا العمر كله.. 
اللهم امين يا صديقى.. 
وواصل مستعيدا مزاحه امتى بقى هتعزموني انا ومراتي عندكم شمس نفسها تشوف والدتك جدا..دي حاجة بعيدة عن موضوع زيارة الخطوبة
يا سلام.. ده انت تأمر..شوف لو يوم أجازتكم الجاية فاضين هنحضر المحاشي من دلوقت.. 
لا محاشي يبقي جاي بس اتوصوا بورق العنب عشان شمس بتحبو.. 
عيوننا ليكم يا متر. 
راقبها وهي منهمكة بطهو الطعام وشعرها معقوص لأعلى گ ذيل الحصان وبيجامتها الزرقاء تعطيها مظهر طفولي محبب فابتسم مقتربا لها 
حبيبتي تعبت من الصبح وانشغلت عني خالص. 
الټفت له مبتسمة وهي تقبل جديه هاتفة حقك عليا يا حبيبي والله أنت عارف دي أول مرة أعزم أهلي في بيتنا وأول مرة يدوقوا أكل من ايدي ولازم أبهرهم. 
غمغم بحنان واثق انهم هينبهروا من أكل مراتي حبيبتي طب مش عايزة مساعدة في حاجة 
لا يا عمري لو احتاجت هقولك وماما زمانها جاية وهتساعدني.
تنهد برضوخ براحتك يا مشمش ثم مال ولثمها سريعا وتمتم تصبيرة بقا. 
ضحكت وهي تبتعد بدلال بطل دلع بقا وروح أجهز أنت عشان تستقبلهم. 
كلامك أوامر يا أستاذتنا. 
.......
يلا ياجماعة الأكل جاهز
تهتف شمس لأسرتها وهي ترص أطباقها علي منضدة الطعام ووالدتها خلفها تجلب المعالق.
جسار الله الأكل شكله يشهي تسلم ايديكم
جمانة مراتك اللي عملت كل ده. 
حمزة مشمش بقيت تطبخ..دي معجزة. 
رضوان مفيش حاجة بعيدة عن ربنا. 
جمانة قولي يا جسار كنت بتحب تاكل ايه من ايد مامتك ونفسك شمس تعملوا ليك عشان اعلمها
تلجم جسار وهو يرمق والدة زوجته بصمت شارد لا يذكر أي شيء فعلته له إلهام ليحبه..لا ذكرايات بينهما سوى الجفاء.. طال صمته فأجابت عنه شمس مامته وباباه كانو متغربين دايما وهي مش بتحب تطبخ..
غمغمت جمانة بتفهم أيوة فهمت. 
نظرة امتنان نالتها منه لتكمل وده في صالحي لأنه هيحب أكل مراته حبيبته وبس.. 
رمقها جسار بحب لاحظته والدتها هاتفة بحنان 
ربنا يسعدكم يا حبيبتي..ثم صاحت تنادي 
يلا يا ريان الأكل
جاهز. 
صاح الأخير وهو يقدم عليهم طب مين اللي طابخ
مراتي.. 
بفخر قالها جسار ليمزح الأول يبقي مش هاكل..إلا لو فيه عندكم مطهرات للمعدة.. 
ضړبة علي رأسه نالها من والدته وهي تعاتبه طب استر اختك قدام جوزها وبلاش فضايح. 
سيبيه يا ماما سيبيه مايبقاش ريان أخويا..شايف يا بابا اخويا مش واثق في أكلي ازاي.. 
قال معاتبا بطل رخامة علي أختك يا ريان.. 
جسار طب يلا ياجماعة ابدؤا ونحكم بعدها بس خدوا بالكم أحسن تاكلوا صوابعكم من حلاوة الأكل.. 
ضحكت شمس لزوجها قائلة يسلملي دعمك ياغالي. 
ريان طب نجيب اتنين ليمون وشجرة ونقوم نمشي 
عادت والدته تضربه من جديد مع قولها وبعدين معاك وبعدين.. 
جسار بكره اشوفك مع مراتك يا استاذ ريان يالي عمال تتريق علينا..
لا هتلاقيني أسد في نفسي.. 
جمانة اتجوز الأول وبعدين نشوف موضوع الأسد ده
تفائلي يا ماما تفائلي. 
لاك ريان شيء من الطعام وبدا عليه استحسان وهو يقول ايه ده يا مشمش 
ردت بقلق ايه الأكل وحش يا ريان طمني. 
مش عارف اقولك ايه بس ده طلع حلو. 
للمرة الثالثة تضربه والدته خضيت اختك يا شيخ
جسار أخيرا اعترفت بشطارة مراتي. 
أضطريت ياجوز اختي الأكل فعلا يجنن.. 
ابتسمت شمس بظفر وقالت دي شهادة من المچنون اخويا اعتز بيها.. ضحكوا لقولها واستأنفوا الطعام بمدح الجميع في الوليمة التي صنعتها لهم شمس للمرة الأولى. 
غادر عائلة شمس ووقفت هي ترص الصحون النظيفة في خزانة المطبخ بعد رفضها أن تساعدها والدتها سعيدة هي بتلك الحياة البسيطة التي تختبرها للمرة الأولي وهي تتشارك كل شيء مع جسار الذي يتعاون معها الآن بتمشيط السجاد من بقايا الطعام والأتربة بالمكنسة حيث كانوا يجلسون ليفزع بغتة علي صوت ضجيج سقوط بعض الصحون هرول إليها فوجدها ملقاه أرضا بحالة إغماء..حملها وأرقدها فوق فراشها پخوف ثم استنجد بطبيب يعرفه سابقا عن طريق الجد نادر وبعد وقت قصير أتى ليتفقد حالة زوجته ويطمئنه عليها..
الهلع
يأكل روحه منتظر بفارغ الصبر خروح الطبيب وطمأنته على زوجته ليستجيب الأخير لخاطره وهو يخرج معدلا وضع عويناته قائلا مبروك يا سيد جسار المدام حامل.
جحظت نظراته وتجمدت بذهول.. 
زوجته حامل بهذه السرعة يتحقق حلمه
بعد أشهر سيحمل طفله بيديه ويضمه لصدره
لا يدري كيف أنقد الطبيب أجرته و ودعه للباب. 
رفع وجهه الباكي مع همسه فرحان دي ماتساويش احساسي دلوقت.. شكرا انك بتشاركيني حلمي وكل مادا بتسعديني أكتر.. أنا بحبك اوي.. انتي زي اسمك بالنسبالي.. شمس نورت حياتي وحولت برد روحي لدفى وهونتي عليا أوجاع العمر اللي فات..ثم غفى كلا منهما جوار الأخر روحا وجسد. 
الفصل الرابع عشر
عطايا الخالق لا تزال تهطل من سماء رحمته على ذاك اليتيم
عناقيد أحلامه تتشابك لمنحه مذاقات فرحة تلو الأخرى بذرة عائلته نبتت بنطفة جنينه..شمسه الدافئة تحمل باحشاىها الأن أملا طالما طاقت روحه إليه من سيشاركه تلك الفرحة
تسابقت أقدامه ركضا كطفل صغير أسرع ليخبر والديه بما أنجزه.
للمرة الأولى يعود جسار زائرا لفيلا جده بعد تجرده من كل شيء قبلا راح يطرق بابهم بقوة والسعادة تكاد تفقده السيطرة على عقله ما أن أشرعت البوابة له حتى هرول يبحث عن الجد وهو يصيح بنداء صاخب على غير طبيعته الهادئة الرزينة جدي.. أنت فين ياجدي
أخذته قدماه متوجها بلهاثه لغرفة الطعام ليجد أحداق الجميع تنظر إليه بدهشة لاقتحامه الغريب والمباغت ليستأنف جسار صياحه وهو يقترب من جده لاهثا بقوة توشك أن تقطع أنفاسه جدي.. شمس ..شمس حامل.. هيبقي عندي عيلة تخصني ياجدي.. ولادي هيتولدوا بين ايديا وهما عارفين جذورهم فين مش هيعشوا اغراب زيي ياجدي هيبقي عندي عيلة من صلبي وعزوة تعوضني شمس حامل ياجدي شمس حامل.
ظل يهذي دون وعي وأنفاسه تتقطع وصدره يتضخم بالهواء من فرط انفعاله غافل عن تلك المقل التي شاركته سيل دموعه ووخفقات فرحته..وبالأخص إحداهم واحدة لم تكترث له يوما أو تراه طفلها لم تشعر بمعاناته لحظة واحدة طيلة حياته لم ينل منها ذرة عطف او حنان أو اهتمام مقلة ينضح من صاحبتها الذنب الآن فقط أدركت إلهام كم كانت قاسېة القلب عليه كم عاش محروما لعائلة تبثه دفئا وحبا واهتمام رغم أن الجد لم يقصر معه لكن ظل فراغ أبويه نصلا مزق روحه حتى أصبح جرحه غائر عميق بعمق معاناته سنوات عمره الفائتة..
نهضت
إلهام تاركة مقعدها متوجهة إليه حيث يضمه الجد نادر ويهتز جسده بكاء مثله..وبيد مرتعشة مترددة ربتت گ الريشة الناعمة على كتفه..استدار لها لتذهل عيناه حين بصرها.. لوهلة وقف كأنه استعاد وعيه الكامل لتوه ينظر حوله بدهشة كأنه يتسائل كيف أتي إلى هنا 
مبروك ياجسار. 
قالتها بحنان عجيب نفذ لقلبه مستشعرا إياه منها للمرة الأولى .. هل حقا هي سعيدة لأجله تهتم لفرحته فضلا عن أن تشاركه إياها 
ربنا يقومها بالسلامة وتجيب منها ولاد كتير يعوضوك اللي افتقدته.. ثم استأنفت تحت أنظار الجميع الذاهلة وليس جسار وحده دلوقت بس عرفت قد ايه كنت قاسېة عليك يا ابني.. سامحني إني ماكنتش أم ليك أنا كنت ممكن اعوضك كل ده لو كنت ليك أم حنينة وعاملتك زي أبني..بس انا كنت فعلا قاسېة مقدرتش احب غير رائف مع إن ماكنتش هخسر حاجة لو قسمت حناني ورعايتي وحبي بينكم وجبرت خاطر يتيم واتقيت الله فيه سامحني ياجسار أرجوك.
يقف أمامها وغشاوة الدموع تغتال عيناه بقوة
ورغم هذا يراها جيدا.. ربما هي مرته الأولي التي يراها بهذا الشكل الأدمي معه..كأن انسلخ عنها كيان أخر وروح أخرى قطرة الحنان الشحيحة التي هطلت عليه من حديثها هذا روته حد الثمالة.. كان قطرة واحدة منها تساوي نهرا جاريا قطرة واحدة محت الكثير كل معاناته.. كيف أذا لو فاضت عليه بينابيع من هذا الحنان كيف كان سيشعر لو حقا أحبته كأبنها يوم..
ربتة أخرى جاءته من توفيق وهو يقف جواره وعينه تفصح عن ندم يطابق ما ابدته زوجته وهو يقول 
إلهام عندها حق يا جسار وياريت نبدأ صفحة جديدة كلنا عشان ابنك بتولد وسط عيلة بجد..
ثم منحه أجمل وعدا تلقاه منهما وهو يهمس بصدق 
ابنك ياجسار هيكون أول أحفادي أنا وإلهام..
اللي حرمناك منه هنديه بطيب خاطر لابنك..عيلتك مش هيكون ناقصها حد بعد انهاردة.. انت هنكمل بينا زي ما طول عمرك كنت مكمل اللي قصرت فيه مع بابا موافق من انهاردة نكون عيلتك بجد
ثم بسط له ذراعيه لأخر مدي وهو يقول 
لو موافق تعالى في حضڼي.. قولي يا بابا زي زمان.
نقل جسار بصره بين ذراعي توفيق وإلهام ثم جده وشقيقه ليعود وينظر للأول ثانيا..ودون تردد ارتمى بين ذراعيه وعانقه بقوة ليبادله توفيق عناق شديد حاصر أضلعه وراح يقبل رأسه وهو يقول مبروك ياحبيبي مبروك.. 
ترك أبيه ثم نظر لإلهام وهي تبكي ليجثوا بغتة علي
20  21  22 

انت في الصفحة 21 من 31 صفحات