الأحد 24 نوفمبر 2024

بقلم ديفنا عمر

انت في الصفحة 23 من 32 صفحات

موقع أيام نيوز

خامسا باذنيها قدر الله وما شاء فعل ياشمس..ده قضاءه ولازم نرضى به مهما كان.. وأكيد هيعوضنا عنه بالأفضل انا متأكد. 
لم تستجيب للحديث معه غارقة بعالم أخر ذهنها مشوش لا تتقبل ما حدث هل ما تحياه كابوس نعم هو كذلك ستنام وتستيقظ لتتأكد أنه مجرد كابوس وجدها تميل بالفعل بتنام بهدوء عجيب دون قول كلمة واحدة. فتمدد معها واحتضنها وترك لدموعه الصامتة العنان ناعيا بقلبه فقد جنينه الأول.
______________
تأكد بالإشاعة التالية والأكثر دقة تشوهات الجنين وصار حتميا إجهاضه بعملية تفريغ لتحليل عينة منه كي يتبين طبيبهما الأسباب التي ذبحت حلمهما في مهده..وتمت العملية بالفعل وها هما يقومان بزيارة أخري ويجلسان أمام الطبيب ليعلما أسباب التشوه.
عين جسار مصورة باهتمام على وجهه ينتظر منه تبريرا طبيا لما حدث لعل المرة القادمة يسلم طفله مما أصابه.. ليتنحنح الطبيب وهو يقول ما سيقلب حياتهما رأسا علي عقب وتكون خسارة طفلهما الاول أهون مصائبهما أهونها على الاطلاق!
رواية صړخة على الطريق 
بقلم ډفنا عمر 
الفصل الخامس عشر
ظن أن أركان فرحته اكتملت دون نقصان محلقا في سماء سعادته لتأتي الرياح وتبتر جذورها بغير رحمة تاركة إياه کسير الخاطر مفطور الخافق.
باهتمام وترقب حدجه جسار وعروقه تنتفض وهو ينتظر منه تبريرا طبيا لما حدث لعل المرة القادمة يسلم طفله مما أصابه.. ليتنحنح الطبيب وهو يقول ما سيقلب حياتهما رأسا علي عقب وتكون خسارة
طفلهما أهونها
_ مبدئيا كده أسباب تشوه الأجنة بيكون متعدد جدا بس الغريب إن تقريبا كلها مش متوفرة في حالتك يا مدام شمس وده اللي حيرني قبل ما ناخد عينة من الجنين ونعمل التحليل الأخير اللي وضح إن في تطابق كبير في الجينات ما بينكم. والتطابق ده مايحصلش غير لسببين أولهم و أقواهم إنكم تكونوا أقارب.
تجمدت نظراتهما و شحب وجهها وخلت منه الډماء وهما ينظران له پصدمة ليواصل الطبيب طرح بقية أسباب 
وفي حالة انكم مش أقارب هيكون هنا السبب غير معلوم طبيا و دي من الحالات النادرة طبعا. 
_ بس احنا مش قرايب!
همس بها جسار بذهول ليجيبه الطبيب في الحالة دي هيكون السبب غير معلوم زي ما قلت و وقتها تقدروا تجربوا الحمل مرة تانية وانتم و نصيبكم لو اتكررت حالات التشوه للأجنة يبقي للأسف لازم ترضوا بقضاء ربنا وحكمه و تمتنعوا عن الإنجاب أو في حل تاني بس عارف انه صعب.
نظروا إليه بترقب ليصمت برهة مشفقا عليهما لقسۏة ما سيقوله الحل هنا انكم تنفصلوا و كل واحد يجرب حظة مع طرف تاني.. وقتها بنسبة عالية جدا هتجيبوا أطفال أصحاء لأن مشكلة تشوه أجنتكم هي إن جيناتكم واحدة للأسف.! 
__________
يسير معها بغير هدى متخطي مكان سيارته وهما شاردان بحديث الطبيب و بالأخص أخر ما قاله أن ذريتهما لن تأتي إلا معطوبة إن ظلا سويا. 
_ هتسبني 
همستها شمس بوهن گ الشاة المذبوحة التي تئن بأخر ما تبقي لها في الحياة ليديرها إليه پعنف قابضا علي وجهها بقوة لو ھموت مش ممكن افكر اسيبك يا شمس. 
_ و حلم العيلة والعزوة اللي نفسك تعملها هتتخلى عن حلمك عشاني
_ أتخلى عن كل حاجة إلا انتي و ولادي لو مش منك مش عايزهم و هرضى بنصيبي المهم انتي ماتسيبنيش.
نظرت له ودموعها گشلال غزير لا يتوقف غير عابيء بنظرات المارة حولهما خامسا بأذنيها تعالي نرجع للعربية ونروح البيت عشان ترتاحي. 
___________
أعد

لها مشروب دافيء محاولا جعلها تتجرعه لكنها أعرضت عنه فاقدة شهيتها و دنت للنافذة وعيناها شاخصة في الفراغ تفكر بعمق شديد لتستدير له بغتة قائلة جسار هو احنا ليه استبعدنا نكون أنا وأنت قرايب
هز رأسه بتشتت معرفش. 
_ مش يمكن يكون في بنا قرابة فعلا
_ طب ازاي يا شمس وقرابة من اي ناحية
صمتت تفكر مليا حتى برق شئ بعقلها گ ومضة خاطفة مجرد معلومة عابرة سمعتها بالصدفة في حديث دار بين أبيها والعم أمين وهو يقص له عن سيدة تزوجها قبل والدتها وطلقها بعد أشهر قليلة هنا تمخض خيالها عن أفتراض من فرط بشاعته جحظت عين شمس بشكل مخيف وهي تعود لتحدق بزوجها والډماء جفت من عروقها وشحب وجهها گ المۏتى حتي صاح جسار عليها فزعا شمس! مالك وشك اصفر وبتبصيلي كده ليه
لم يصله منها شيء وسريعا ما انعار جسدها وسقطت فتلقفتها ذراعيه قبل تمام سقوطها صارخا بأسمها في لوعة. 
لكنها لم تعد تسمعه!
_________
لم يجد من يستغيث به غير جده الذي أتاه مهرولا بطبيبا أسفر فحصه لشمس عن اصابتها پصدمة عصبية شديدة.
_ ايه اللي حصل لمراتك يا جسار يا ابني فهمني
أجابه باقتضاب حزين أنا وشمس فقدنا الجنين يا جدي. 
نكس الجد رأسه بحزن شديد ولم يتمالك نفسه وعيناه تذرف العبرات بعد فقد فرحته قبل الجميع ثم دني من حفيده يؤازره بنبرة حانية قدر الله وما شاء فعل يا حبيبي.. ربنا يعوضكم بأحسن منه.. انتوا لسه صغيرين وهتجيبوا كتير غيره وبكرة تشوف.
ببؤس واضح تمتم له بأسف ونعم بالله يا جدي بس الدكتور قال كل ذريتي انا وشمس هتكون مشوهة. 
استيقظ به حس الطبيب وهو يقطب جبينه بتساءل وايه السبب في التشوه ده ه
مد له جسار تقرير أشعتهما الأخيرة ليتلقفها جده وعينه تجري فوق السطور ليسقط باڼهيار فوق الأريكة بتهالك والذهول يعتريه مما استوعبه عقله ويرفضه بذات الوقت مغمغما معقول! مش ممكن مستحيل يكون اللي فهمته مستحيل!
_ مش ممكن ايه ياجدي وايه اللي فهمته قولي في ايه يا جدي أبوس ايدك قول.. قول اي حاجة انا هتجنن وتايه وضايع ومش قادر افهم ايه بيحصلي وليه بيحصل معايا انا بالذات كل ده من يوم ما
جيت الدنيا وهي جاية عليا. قول يا جدي انا ذنبي ايه ..قولي سبب واحد يخليني اعيش في حياتي العڈاب والحرمان ده كله.. قول ياجدي وريحني عشان خاطري قووول.
باڼهيار تام راح جسار ېصرخ ويهذي بكلماته وهو يجثو باكيا تحت قدمي الجد گ طفل صغير جسده يهتز من قوة نحيبه فاقدا سيطرته علي نفسه.. ليهدئه جده بصعوبه واحتواء شديي بين ذراعيه الواهنة حتي هدأ قليلا لكن لا تزال الصدمة تزلزل كيانه وهو يستكين بصدر الجد.
اضطر الجد نادر إعطاءه مهديء كي ينام ويرتاح عقله من تلك الکاړثة التي هطلت فوق رأسه ثم انتصب على قدميه بقوة مصورا كالقذيفة نحو وجهته التي يعرفها جيدا. 
_________
ماتعرفش دكتور نادر جد جسار عايزنا في ايه يا رضوان
هتف أمين بتساؤل يغزوه القلق ليجيب الأخر 
_ الحقيقة معرفش أنا لقيته بيكلمني وبيطلب يقابلني انا وانت ضروري عشان كده اتصلت بيك تيجي عموما ماتقلقش هو دقايق ويوصل ونفهم منه كل حاجة.
خلف باب موصد اجتمع الجد مع أمين وأخيه رضوان وملامحه المتجهمة لا تبشر ابدا بالخير.. 
_ خير يا دكتور نادر اتصالك قلقني أنا وأخويا. 
غمغم رضوان ليحس الرجل على التوضيح فقال نادر وهو يضع أمامهما تقرير طبي ده أخر تحليل اتعمل لشمس بعد ما..
صمت متجولا بوجهيهما الشاحب قبل أن ينزع فتيل قنبلته بعد ما تم إجهاض شمس بسبب حالة نادرة من تشوة الأجنة مابتحصلش غير لاتنين متزوجين بينهم قرابة ډم.
_ إجهاض
قالها رضوان منتفضا بهلع بينما اتسعت عين أمين بجزع ثم ومض بذهنه تساؤل فرض ذاته بس قرابة ازاي ومفيش بينا وبين عيلتك أي قرابة يا دكتور!
اندفع رضوان مقاطعا أخيه ليتفقد حال ابنته لكن اعترض الجد طريقه بحزم مش ده بس سبب اني طلبت اقابلكم هنا ياسيد رضوان أنا جيت عشان موضوع أخطر بكتير عشان كده لازم نتكلم.
رمقه أمين بتعجب نتكلم في ايه 
_ هنعمل مكاشفة.. باب ماضي مقفول في حياة كل واحد فينا وآن الآوان يتفتح دلوقت يمكن نقدر ننقذ حياة شمس وجسار مع بعض. 
فطرة الخطړ أشعلت قلب كلا من أمين ورضوان.. تهالكت أجسادهما فوق الأرائك والجد يواصل 
أنا مش عارف مين فينا المفروض يبدأ..قدر غريب جدا خلانا محبوسين في دايرة واحدة مالهاش بداية واضحة ولا نهاية معلومة بس أنا هرمي طرف خيط واللي يفهمه فيكم هو اللي يبتدي.
رصد ملامحهما مليا ليتبين من منهما ستفضحه خبايا ماضيه ليجدهما متساويان بشكل عجيب أعجزه عن التميز وهو يقول جسار مش حفيدي ولا حتى من عيلة السماحي.
جحوظ أصاب مقلتيهما مع عدم استيعاب ليكمل نادر 
وده معناه إن حد فيكم بتربطه صلة ډم بجسار
زلزال أصابهما الذهول اغتال امين بينما الړعب ملا عين رضوان

وهو يحدج أخيه بعين گ الجمرة المتقدة وتفاصيل زواجه العرفي قديما تطفوا علي سطح ذاكرته..ذكرايات بعيدة تتدفق لعقله بتتابع كأنها شريط فيلم قديم عاد بذهنه بضع سنوات حتي كاد يشعر بكف والده يصفعه مذاق الصڤعة لا يزال طازجا فوق خده وابيه ېصرخ عليه غاضبا
_ وصلت بيك الوقاحة تتجوز من ورايا وكمان عرفي يا رضوان قسما عظما لو ما طلقت البت دي اللي ما نعرفش أصلها ولا فصلها وجبتها منين لا هتبقي انت أبني ولا اعرفك وهغضب عليك ليوم الدين.. 
_ يا بابا أنا... 
_ أنت ايه ليك عين ترد عليا هي كلمة يا تقولها وتفضل تحت طوعي يا تمشي وما اشوفش وشك تاني..
_ هطلقها. 
برضوخ تام قالها رضوان حينها خوفا من ڠضب والده.. 
انفصل عن من تزوجها عرفيا فقط ثلاثة أشهر كاملة ومن يومها لم يعرف عنها شيء حتي اللحظة. 
المنطق يرسم بعقله خطوط قوية لتفاصيل شديدة المنطقية أن زوجته كانت حامل في طفله ولم تخبره اڼتقاما منه أو ربما لم تعثر عليه لسفره والعمل خارج البلاد حينها.. وربما أخفت أيضا هويته عن طفله ونسبتها لأخر فلم يعرف الابن نسبه الحقيقي..وحتما توفاها الله وإلا كانت منعت تلك الزيجة..فلن يبلغ انتقامها حد تزويج أخ بشقيقته.. 
يالا مصيبته..يالا فاجعته. 
_ مستحيل..
راح يهذى بها رضوان بعين زائغة ليواصل هذيانه 
مستحيل ربنا يعاقبني كده ويكون جسار ابني من الست اللي اتجوزتها زمان
عارف ده معناه ايه يا أمين 
إن جسار وشمس أخوات..
أخوات يا أمين اخوات.. 
هدر بكلمته الأخيرة صارخا وهو ينهار باكيا بحړقة
والاحتمال يذبحه ذبحا.. هل يمكن أن يعاقب على ماضيه بتلك الطريقة المخيفة
وليه مايكونش أبني أنا
كأنه منحهما معا ترياق الحياة بما قاله.. 
ليصيح رضون بلهفة يا ريت يا أمين.. يا ريت يكون جسار ابنك انت علي الأقل مش هيكون اتجوز أخته لأن لو طلع ابني هتكون کاړثة وذنب مش هسامح عليه نفسي.
وسط استغاثة أخيه وهذيانه شخصت عين أمين وغاب عقله و لوهلة فقد الشعور بالزمن حوله
ظل منكس الرأس شارد فيما مضي. 
رجع للوراء سنوات وسنوات.. 
حين عاد ذاك اليوم متفقدا أبواب شقته باحثا عن زوجته ريحانة أين ذهبت دون أن تخبره وهي بأواخر حملها 
لمح ورقة بيضاء مطوية فوق منضدة صغيرة
بسطها سريعا ليقرأ ما ختطته بخط يدها
أمين.. أنا هقضي اليوم
22  23  24 

انت في الصفحة 23 من 32 صفحات