كاليندا بقلم ولاء رفعت
من رؤية ما حدث وقام بمشاهدته في شاشة المراقبة.
تحت أمرك يا مستر عصام.
الأمر لله يا أحمد أنا ندهت لك عشان أقولك لو أنت مش قادر علي الشغل قولي وأنا أديلك أجازة بس هاتكون مخصومة من مرتبك.
أجاب بإحراج
لاء يا فندم مش محتاج أجازات أنا بس اليومين اللي فاتو كان عندي ظروف وبلغت حضرتك وقتها.
زفر عصام وهو ينظر له لثواني وقال بلهجة تحذير
طيب ياريت تاخد بالك من الزباين وتبطل سرحان أنا المرة دي نبهتك اللي جاية هاتبقي بجزاء وأظن أنت خلاص كلها أيام وهاتبقي عريس يعني محتاج لكل قرش مش يتخصم لك! تمام يا أحمد
أومأ له الآخر وقال
تمام يا فندم.
أشار له بأن يذهب
أتفضل علي شغلك.
ذهب وبداخله يختنق يريد الصړاخ بكل طاقته أسرع نحو المرحاض ودخل يفتح الصنبور ويهبط برأسه أسفله فغمر الماء شعره بالكامل أعتدل و وقف ينظر لانعكاسه في المرآه وبكل قوته ضړب بقبضته الحائط المجاور لها وصدره يرتفع ويهبط حتي كادت ضلوعه تخرج من مكانها.
انتهت من أداء فرضها ليفاجئها رنين هاتفها خفق قلبها بشدة قبل أن تري من المتصل وعندما أمسكت به ورأت الرقم إعتراها الخۏف من المواجهة تخشي أن تسمع صوته ألقت الهاتف علي الفراش حتي أنتهي من الرنين.
أنا عايز أقابلك ضروري!
في منزل السفوري يتجمعون حول مائدة الطعام سأل حماد زوجته
أومال فين ابنك الصايع
أجابت هدي بعدما ابتلعت ما بفمها
ها يكون فين يعني ها تلاقيه واقف مع زمايله.
ضړب المائدة بقبضة قوية وصاح پغضب
فيه إيه يا حماد هو بت عشان أحبسه! وعارفين إنه عامل مصېبه هانعملهم إيه يعني.
أهو دلعك للمحروس ابنك ده هو اللي وصله للي هو فيه كان نفسي يبقي راجل وعاقل يبقي سندي اللي هايشيل عني المسئولية بس إزاي وأنتي وراه بتداري عليه في كل مصېبه و بتشجعيه بدل ما تقفي له وتديه بالجذمة عشان يعقل.
ليه هو أنا اللي روحت لأهل الواد اللي خبطه ابنك بالموتسيكل لما كان سکړان والواد ماټ فروحت دفعت لأهله ديه ومن وقتها وابنك في دماغه مهما عمل مصايب وبلاوي وراه أب بيدفع ويحوش عنه.
أومال كنتي عايزاني أسلمه للبوليس بأيدي! و يكون في علمك لما يرجع إبنك من بره خليه يعمل حسابه إنه هيسافر ويقعد في شقة إسكندرية ويبعد عن البلد لحد ما نشوف محمد هو وبنته ناويين علي إيه.
وأنا مش هسافر ولا أهرب كأني عامل عملة وخاېف.
صاح والده به
لاء عامل يا
حيلة أمك
ولا حد يقدر يتعرض لي ده أنا كنت دفنت اللي يفكر يقرب لي مكانه.
هو ده اللي فالح فيه بلطجة ووساخة عيني عينك وأنا أغرم ډم قلبي من ورا بلاويك ياريتني ما خلفتك يا أخي.
ألقي بالمحرمة علي المائدة وأردف
خلفة عار.
ثم ذهب إلي الداخل فاقتربت هدي من نجلها و ربتت تحميل عليه
ملكش دعوة بكلامه أنت عارف أبوك لما الجنونة بتجيله روح أغسل إيدك وتعالي كل عملالك الأكل اللي بتحبه.
أبعد يدها وقال
مش عايز أطفح.
و توجه إلي باب المنزل مرة أخري صاحت والدته
رايح فين يا ولاه
أجاب بتهكم و سخط
رايح في داهية يمكن جوزك يرتاح مني.
و في إحدى الحدائق العامة في المدينة يربت محمد علي يد ابنته التي قالت
تعالي نروح يا بابا إيه اللي خلاك توافق إني أقابله
أجاب والدها
عشان كان لازم تقابليه وتواجهيه وتسمعيها منه وده يرتاح.
أشار لها لدي موضع قلبها أثرت الصمت وتمسكت بيده كأنها تستمد منه القوة التي تحاول أن ترسمها علي ملامح وجهها الشاحب.
أقبل عليهما ليجدهما في إنتظاره فكان مرتديا نظارة شمسية ليخفي خلفها نظرات الحزن والإنكسار توقف لدي الطاولة وقال
سلام عليكم يا عم محمد.
و مد يده ليصافحه الآخر مجيبا السلام
وعليكم السلام يا أحمد.
سحب كرسي وجلس يسألهما
تشربوا إيه
أجاب الأخر
شكرا يا بني أنا طلبت لنا وليك عصير ليمون.
كانت شمس تنظر نحو مياه النيل تتفادي النظر إليه تنهد والدها و قال لكسر توتر الأجواء
بص يا أحمد يابني أنا كان بإمكاني أرفض المقابلة دي لكن راحة بنتي عندي أهم حاجة أنا هاسيبكم تتكلموا علي راحتكم عشان دي هاتكون أخر مرة تشوفها.
نهض وقبل أن يبتعد ربت علي يد ابنته فشعر برجفة وبرودة أناملها أنحني بالقرب من سمعها
أطمني أنا هاقعد في الطرابيزة اللي وراكي خليكي قوية.
أعتدل وذهب ليجلس علي مقربة منهما جاء النادل و وضع أمامهما كأسين من عصير الليمون ثم ذهب إلي محمد بعدما أشار له ليعطيه الكأس الثالثة.
و بعد أن هربت الكلمات من لسانه تنفس بعمق وأطلق زفرة حتي بدأ يتحدث
عامله إيه
رمقته بتعجب وكأن نبت له رأس آخر فأدركت إنه لم يجد كلمات يتفوه بها أجابت بسخرية
أسعد واحدة في العالم.
أنتبه لسخريتها من سؤاله فتنهد بنفاذ صبر وقال
أنا عارف اللي بتمري بيه وإيه اللي بتفكري فيه خصوصا من ناحيتي بس أحب أقولك أنا حالي أصعب منك حطي نفسك في مكاني و أقلبي اللي حصل.
أصعب مني! ده علي أساس أنت حصلك اللي حصلي! أتبهدلت زيي! سيرتك علي كل لسان اللي يسوي و اللي مايسواش!
انتهت كلماتها بصيحه فأمسك بيدها ليسكتها قائلا
وطي صوتك وأهدي.
جذبت يدها ورمقته شزرا وقالت إليه بتحذير
إياك إيدك تلمس إيدي تاني.
أومأ له وقال
مكنتش أقصد.
طيب ياريت تنجز وتقولي كنت عايز تقابلني ليه
أبتسم پألم ثم أجاب
عشان أجاوبك علي رسالتك أنا عارف إن ماما أسلوبها حاد وبالتأكيد عكت الدنيا مع مامتك.
قالت بنبرة هجوم مباغت
مامتك مش هتتكلم كده غير لما تكون واثقة إن دي رغبتك من أمتي وأنت بتمشي بكلامها! من غير ماتبرر خلاص عرفت الإجابة بس ده اسمها عندي ندالة.
قال باستنكار وتحذير
أنا مش ندل يا شمس و بقولها لك للمرة التانية حطي نفسك مكاني في كل خطوة أسمع فيها غمز ولمز ونظرات شفقة وتريئة من عيون الناس أنا كان بإمكاني أروح أمسك الحيوان اللي عامل فيكي كده وأخنقه بإيدي بس وبعدين قوليلي هانقدر نكمل في وسط الناس إزاي ومش هاقدر أستحمل نظراتهم ولو حد أتكلم مش هابطل خناق وضړب في ده وده ونقضيها محاضر مش هاقدر لو أتجوزنا وكل ما أجي ألمسك أفتك...
صمت ليزدرد لعابه فقالت بصوت مخټنق
ما تكمل قول.
نهضت ورفعت رأسها بشموخ وقالت بنبرة مليئة بالقوة وكبرياء أنثي
أنا بقي اللي بقولها لك عارف يا أحمد حتي لو كنت هاتكمل معايا أنا مكنتش هاكمل معاك وكنت بعت أمي ليكم بالشبكة وكل حاجة جبتهالي عارف ليه لأن كنت منتظرة اللي ياخدلي حقي ويدافع عني مش بابا كنت منتظره اللي المفروض هابقي مراته وعرضه وشرفه هو اللي ياخد لي حقي مش
يروح يدفن راسه في الرمل زي النعامة و خاېف من كلام الناس! أنت ضعيف وجبان وبحمد ربنا أن اللي حصلي ده كشفك علي حقيقتك أحسن ما كنت علي ذمتك وحصل اللي حصلي وقتها كان كبيرك تطلقني يا خسارة يا أحمد كنت في نظري حاجة تانية خالص بس فعلا وقت الشدة الكل بيبان علي أصله روح ربنا يسهلك و يديك علي قد نيتك.
تركته في صدمة من كلماتها وذهبت إلي والدها وقالت
يلا يا بابا نمشي من هنا.
أذعن والدها لرغبتها بعدما رمق أحمد بأسف وخيبة ثم غادر برفقة ابنته.
وبعد وصولهما إلي المنزل استقبلتهما والدتها بلهفة
عملتوا إيه
كاد يجيب عليها فقاطعه صوت ارتطام قوي فوجدوا ابنتهما وقعت أمام غرفتها مغشي عليها.
الفصل الخامس
في مركز الوحدة الصحية التابعة للقرية تتمدد أعلي التخت وعينيها تحدق في السقف تقف الممرضة علي يمينها تعلق كيس المحلول علي العمود المعدني وعلي الجهة الأخرى يتابع الطبيب ضغط الډم عبر الجهاز اليدوي قائلا
كده تمام وشويه بعد ما تخلص المحاليل هيبقي الضغط مظبوط ها يا شمس حاسة بإيه دلوقت
تحركت مقلتيها نحوه بدون أن تتحدث ثم عادت لوضع التحديق في السقف مرة أخري.
طب أنا رايح أكمل الكشوفات اللي عندي بسرعة وراجعلك تاني.
خرج الطبيب من الغرفة الصغيرة سألته زينب بقلق وخوف علي ابنتها
بنتي مالها يا دكتور
أجاب بهدوء وطمأنينة
أطمني يا مدام بنتك كويسة الحمدلله كل الحكاية ضغطها نزل شوية وطبعا واضح إنها مبتاكلش فقلب معاها بهبوط والحمدلله بعد ما علقنا لها المحاليل فاقت لكن شكلها مش حابه تتكلم وده نتيجة ضغوط نفسية وعصبية فياريت بعد ما تقوم بالسلامة تودوها لدكتور نفسية.
شهقت والدتها بضجر
بعد الشړ يا دكتور ليه هو أنا بنتي مچنونة
أبتسم رغما عنه من بساطة تلك المرأة فأوضح لها
أنا مقولتش توديها مستشفي أمراض نفسية أنا بقولكم خليها تزور دكتور نفسية بيقعد معاها كذا جلسه يرجعها لكم أحسن من الأول.
تدخل محمد قائلا
أنا فاهم قصد حضرتك يا دكتور بس ما تأخذنيش الوضع والظروف اللي إحنا فيها مش هتنفع لزيارات لدكتور نفسي بس ممكن نغير لها الجو اللي عايشه فيه.
أومأ له الطبيب مرحبا
ياريت يبقي أفضل بس أهم حاجة الراحة النفسية وتبعد عن أي حاجة تضيقها لأن التعب اللي عندها ده نفسي أكتر ماهو عضوي ولو محتاجين أي مساعدة أنا في الخدمة.
تسلم يا دكتور ربنا يوفقك.
فأجاب الآخر
العفو عن أذنكم.
ولج كليهما إلي ابنتهما المنفصلة عن الواقع جلست زينب بجوارها
شمس أنتي كويسة يا ضنايا
أمسك محمد يدها وعانقها بين كفيه
شمس حياتي يلا بقي عايزك ترجعي البنت القوية وهخليكي تغيري جو البلد خالص وهاخدك عند رحاب بنت عمك مش كان نفسك تشوفيها
رمقته زوجته بامتعاض فهو يعلم ماهية تلك النظرة كيف تجد ابنتك راحتها في بيت عمها و زوجته التي تشبهها دائما بالحية في دهائها وخبثها لا تحب الخير لأحد بتا وخاصة زوجات أشقاء زوجها.
بادلها بنظرة
حاسمة وقال
عموما أنا كلمت أخويا وقالي بيتي مفتوح في أي وقت وفرح جامد.
تفوهت زينب دون أن تدرك فداحة سؤالها الأحمق
وياتري قولتله إيه سبب الزيارة والمفروض كلهم عارفين إنها كانت هاتتجوز بعد