رواية رحمة السيد
ضامن رد فعلي بعد ما أعمل كده وعشان ربنا يباركلنا.
ربااااه... شعرت بنغزة قوية تستقر بين جنبات صدرها وهي تفكر.. هل كان يراها بهذا الكمال لدرجة أن يبخل على نفسه بها وهي التي تخدعه بتلك الطريقة!...
فهمست كطفلة غبية لا تستوعب ولا تفهم سوى حروف صريحة واهية أمام ذلك الطوفان من العاطفة
أنت بتحبني بجد يا عمار
مش بحبك بس ده انا دايب فيكي يا عيون عمار.
ثم تحرك إبهامه ليتلمس ببطء مذيب تلك الشامة البنية التي تزين جانب ثغرها بإغراء يعجز قلبه الواهن في حبها عن التصدي له وخرج صوته محترق كإحتراق مشاعره بعشقها
تلك المشاعر التي يغدقها بها فجأة... تلك الصورة المتكاملة الأركان المرسومة لها في باطن عقله جعلتها تكره صورتها الحقيقية المسخة في الواقع... هي ليست بهذا الكمال بل هي التي لا تستحقه... هي التي خدعته... هي الكاذبة التي بنت حياتها معه على كڈبة !
ودون شعور منها لم تستطع السيطرة على دموعها التي أطلقت سراحها دون قدرة على كتمانها أكثر لتتسع عينا عمار بذهول وهو يسألها باستنكار
ولكن لم تجيبه بل استمرت في بكائها وهي تمسح عيناها بطرف ملابسها كالأطفال.. ليسألها بنبرة متخبطة متوترة
طب أنتي مش بتحبيني ومش عايزاني طب هما أجبروكي توافقي عليا
فهزت رأسها نافية وبنبرة طفولية من بين بكاءها ردت بتلقائية
لأ انا بحبك.
حينها أطلق عمار زفير عميق مرتاح وكأنها حررته من سجن القلق الذي حپسه لثوان ليمسح دموعها برفق وهو يسألها في حنو وكأنه يتحدث مع طفلته الصغيرة وليست زوجته
فلم تجيب سوى بنفس الاجابة وكأنها لا تحفظ سواها
عشان بحبك.
كلمتها البسيطة التي تكررها على مسامعه للمرة الثانية في نفس الدقيقة حبست أنفاسه وشعر كأن احدهم يطلق المفرقعات بين خلاياه في تلك اللحظة..
ليضحك بخفوت ثم داعب طرف أنفها بأنفه وهو يشاكسها متمتما
نكدية بس قمر.
قوليها تاني.
ثم أشار لها بأصابعه محذرا
بس من غير عياط وحياة امك مهو انا مستناش سنة قبل ما اخطبك وسنة بعد ما اخطبك عشان في الاخر تيجي تقوليهالي وانتي بټعيطي!
تعالت أنفاسها بتوتر رهيب ولكنها لم تبخل عليه فهمست برقة أذابت المتبقي من ثباته
بحبك يا عمار.
حاولت الاستسلام لتلك الموجة من العاطفة التي تسحبها ولكن كلما أغمضت عيناها مع حركة يداه شعرت بذاك الکابوس يعود من جديد ليتجسد أمامها في تلك اللحظة..!
فابتعدت عنه مسرعة وهي تهز رأسها نافية ليعقد عمار ما بين حاجبيها متسائلا
مالك يا حبيبي
فعضت هي على طرف شفتاها بحرج شديد وهي تهمس له بتوسل خفيض
خلينا نستنى شوية والنبي يا عمار.
ظن عمار أن الخۏف مثبت بقلبها كأي فتاة ليلة زفافها فأومأ لها برأسه يبثها الأمان
ماشي يا حبيبي مټخافيش وقت ما تحبي وتبقي مستعدة.
اومأت له برأسها مع ابتسامة ضعيفة ممتنة رسمتها بصعوبة ليسحبها هو من يدها برفق ثم تسطح على الفراش وسحبها لأحضانه مغمضا عيناه بارتياح عميق بعد أن قبل قمة رأسها بعمق وهو يحيط بها بذراعيه جيدا......
عادت من ذكرياتها وهي تمسح دموعها المنهمرة أسمه عمار وهو عمار بالفعل... جعل من حياتها التي ظنت انها اصبحت صحراء جرداء قاحلة أرض خضبة تملأها الزهور الفواحة لم تكف عن لوم نفسها ولكن ماذا عساها كانت تفعل!..
هل كانت تضمن أن سمعتها لن تكون علكة في أفواه الناس هنا وهناك...
إنتهت من تنظيم ملابسها في تلك الحقيبة ثم بدأت تغير ملابسها...
....................................................
بعد ساعات قليلة....
عاد عمار بعد ساعات لم يكن بها يعرف أين وجهته او ماذا يفعل ... كل ما يعرفه أنه منزوع الشعور بالحياه وما فيها داخله شعلة ڼار ضارية تسكب عليها أفكاره كالزيت لتزيدها سعيرا...
وصل أمام باب منزله فتنفس بعمق... ها هو لأول مرة سيدخل شقته وحيدا وهي ليست بها او معه أخرج مفاتيحه وكاد يفتح الباب ولكن تسمر مكانه فجأة حينما رأى شقيقه يفتح الباب ويتحرك ليخرج على عجلة من أمره فتجمد عمار مكانه للحظات دون استيعاب وهو يرى شقيقه يخرج من منزله بسرعة وزوجته بالداخل.... بمفردهما......!!!
يتبع..
الفصل الثاني
توقف الزمن بالنسبة لعمار عند تلك اللحظة والشك جعل من عقله حجر صغير جدا أوشك على السقوط في هوة الچحيم...!
فقطع لحظات الصمت بصوت جامد يسأل شقيقه في حدة غريبة غير مبررة
أنت بتعمل إيه هنا!
فعقد الآخر ما بين حاجبيه بتعجب ولكنه أجاب ببساطة وملامح هادئة كانت الترياق لسم الشك الذي أنتشر بين شرايين عمار
يعني إيه بعمل إيه!! كنت جوا باخد من امك حاجة.
فردد عمار ببلاهه وغباء
أمك هي أمك هنا
فأومأ مصطفى مؤكدا
ايوه يابني جت بقالها نصايه كده أنت متعرفش ولا إيه
فحاول عمار استدراك نفسه سريعا ليغمغم بصوت أجش
اه اصل انا كنت برا وقافل تليفوني.
اومأ له مصطفى برأسه وهو يربت على كتفه مغادرا
اشطا يا باشا استأذنك انا بقا عشان رايح مشوار مهم.
تمام ربنا معاك.
تمتم بها عمار بصوت يكاد يسمع لا يصدق إلى أن أوصله التفكير والشك... تلك الحړقة الداخلية تزعزع كل شيء فيه حتى ثقته في شقيقه الوحيد الذي تربى على يداه...!
أخذ نفسا عميقا ثم حاول رسم ابتسامة هادئة مجاملة يقابل بها والدته بالداخل وبالفعل دخل ليراها تجلس جوار جنة التي كانت منكمشة حول نفسها بصمت بملامح كانت عنوان للحزن الذي يحتل أعماقها...
فألقى التحية كعادته بصوت رخيم
السلام عليكم ازيك يا أمي.
ثم مال نحوها ليحتضنها في حنو لترد هي بابتسامة ودودة
الحمدلله يا نور عين امك انت عامل إيه
الحمدلله كويس.
ابتلعت جنة ريقها بتوتر لا تدري ماذا تقول او تفعل حتى لا تشك والدته أن هنالك شيء قد حدث.. فنهضت قائلة
أنا هاقوم أعملك حاجة تشربيها يا ماما.
اومأت الاخرى بابتسامة هادئة لينهض عمار هو الآخر مرددا في نبرة حاول أن تبدو طبيعية
دقيقة وراجعلك تاني يا ست الكل.
خد راحتك يا حبيبي.
لاحظت بالطبع والدته من ملامح جنة وحديث عمار المقتضب وتجاهله أن يوجه لها أي كلمة على عكس عادته أن هناك مشكلة قد حدثت بالفعل ولكنها فضلت ألا تتدخل بينهما إلا إن أخذت تلك المشكلة مساحة من حياتهما أكبر من اللازم.
دخل عمار المطبخ خلف جنة التي كانت شبه متيقنة أنه سيأتي خلفها ولن يتوانى عن إفراغ مرجل غضبه الذي يغلي فوق رأسها..!
وبالفعل كانت تعطيه ظهرها وتتظاهر بإعداد المشروب لوالدته رغم شعورها بوصوله خلفها لتجده فجأة يجذبها له پعنف حتى اصطدم ظهرها بصدره العضلي وهو يلوي ذراعها خلف ظهرها ويقرب وجهه من اذنها هامسا بصوت حاد به لفحات الڠضب
انتي لسه هنا ليه مش قولتلك مش عايز أشوف وشك إلا بعد ال٣ ايام لما تقوليلي مين القذر اللي عملها.
رغم ملامحها المتشنجة أجابت بصوت خاڤت مخټنق بآثار البكاء التي لم تزول كليا عنها
أنا آآ... كنت ماشيه بس مامتك جات كانت جيبالي حاجات ومعرفتش أعمل إيه فسكت!
كاد عمار يتحدث ولكنه لمح والدته التي أوشكت على