الأربعاء 18 ديسمبر 2024

رواية بقلم سهام صادق

انت في الصفحة 143 من 187 صفحات

موقع أيام نيوز


إنه تجمد في وقفته
غامت عيناه بالقتامة وهو يراها تجلس فوق الرصيف بجسد مرتجف تتشبث بحقيبة ملابسها وعيناها عالقة بخواء بتلك البقعة المضيئة
بسمه 
.
اختلس النظرات نحوها وقد بدأت التساؤلات تغزو عقله من أفكار ستقتله
صمتها دموعها العالقة بأهدابها مغادرتها تلك الشقة في هذا الوقت وتركه يقودها عائدا بها معه كل شئ يثير ريبته

توقفت السيارة أخيرا فها هى تعود لنفس المكان..
بسمه لو فيكي حاجه خلينا نروح المستشفى شكلك ميطمنش
زفر أنفاسه بقوة هى حتى لا تنظر إليه تحرك رأسها دون جواب
طيب هتعرفي تمشي
ترجلت من السيارة بخطوات فاترة هناك شئ حدث بالفعل.. شئ قد فاق قدرتها على التحمل هكذا عاد يخاطبه عقله
عادت الظلمة تحتل عيناه ينفض عن عقله ما طرء فيه
ترجل من سيارته يتبعها ولكن مع حركتها البطيئة وخطواتها الشاردة لم يكن الحل أمامه إلا ليحملها رغم إعتراضها
اهدي يا بسمه مټخافيش أنت مش قادرة تمشي.. لو أعرف بس إيه اللي حصل ليكي فجأة
وضعها فوق فراشه برفق وابتعد عنها ينظر إليها في قلق 
تحبي أصحيلك دادة سعاد
اهتزت حدقتيها وهى تراه يتحرك من أمامها وسرعان ما كان يتوقف عن السير ملتفا إليها في هلع يستمع لصوت شهقاتها العالية
اندفع نحوها يشعر بأن عقله سيتوقف من شدة التفكير دون أن يجد جواب لما يزيد من حيرته 
طيب مش هنادي على حد خدي نفسك براحه 
تمدد بجسده جوارها بعدما غفت أخيرا ورغم إرتخاء جسده إلا أن ملامحه كانت جامده وهو ينظر نحو وجهها الشاحب وقد أغرقت الدموع خديها
لو حصلك حاجه عمري ما هسامح نفسي أنا كمان اشتركت معاهم في أذيتك مرحمتكيش زيهم
.
قطب كاظم حاجبيه في حيره وهو يراها تغفو في غرفتها القديمة وعلى ما يبدو إنها انتظرت غفيانه لتتحرك من جانبه وتأتي لتلك الغرفة. 
بخطوات هادئه اقترب منها يجلس جوارها يرفع خصلات شعرها عن جبهتها يهمس اسمها في خفوت ومازال يشعر بالغرابه لأنها عادت لهذه الغرفة التي تذكره بأسوء ما عاشه معها من ليالي كانت تمنحه فيها برضى وهو كان لا يراها إلا سلعه رخيصه
جنات
همس اسمها لمرات يحرك هذه المرة كفه بحرية فوق ذراعها 
بصعوبة فتحت عيناها تنظر إليه ولكن عادت لتغلقهما ثانية
جنات إيه اللي خلاكي تنامي هنا
بتقلب كتير وأنا نايمه وأنت مبتحبش حد يتقلب جانبك
ارتفع حاجبه في دهشة من جوابها فمن التي تتحدث الأن معه 
جنات أنت بتدوري على اللي يزعجني وبتعملي مش شايفه إجابتك غريبه.. حتى وإحنا بنتعشا لا كنت بتتكلمي ولا بتسألي كتير لا أنا كده هقلق
داعبها بحديثه ينتظر سماع ردها عن مشاكسته .. ستثور الأن وتسأله هل يراها مزعجة فليطلقها إذا لم تعد تلزمه
مش هزعجك تاني خلاص
نبرة صوتها لم تكن هذه المرة ناعسة بل صارت مخټنقه وكأنها تقاوم ذرف دموعها
جنات أنت هتبكي بجد 
خنقتها الدموع فعجزت عن السيطرة على مشاعرها فمازال صدى حديث أمير يخترق قلبها..لما لا يحبها.. لما ليست

محظوظه مثل قريناتها الحب لم يطرق بابها يوما حتى ظنت أن بها عيبا
هو أنا لو مكنتش أجبرتك على الجواز يا كاظم كنت ممكن تبص ليا
اعتدلت في رقدتها بعدما القت سؤالها تنتظر جوابه ازدادت دهشته وهو يراها بالفعل تنتظر أن يجيبها
يلتقط طرف الثوب متجاهلا سؤالها يسألها بفضول ومزاح ما دام النعاس قد غادره
جنات هو إحنا هنروح نصطاد سمك حتى البنطلون يثير فضولي يا حببتي ده مش زي بناطيل علاء الدين
ارتسم الحنق فوق ملامحها هاهو يهرب من سؤالها كعادته
كنت هتبص ليا وتتجوزني ولا لا يا كاظم
توقف عن الضحك يستعجب تمسكها بجواب لا معنى له
جنات لا أنت فيكي حاجه غريبه لكن أنا هستغرب ليه أنا بدأت اتعودت وسبحان الله بقى عندي صبر عجيب إظاهر كده..
وقبل أن ينطق الكلمة التي كانت تنتظر سماعها كانت
________________________________________
تدفعه عنها.
هو أنت مافيش في دماغك غير ده أنا خلاص زهقت..
تجمدت ملامحه وهو يراها تبتعد عنه نافره من تلامسهم هل هو بات بالنسبة لها هكذا رجلا لا يبحث إلا عن ملاذته. 
احتقنت عيناه وبرزت عروقه لا يستوعب ما قذفته به.
أنتي شيفاني بالصورة ديه يا جنات
ثارت ثورتها رغما عنها فقد طعنها حديث شقيقه يخبرها دون قصد بتلك الحقيقة التي تعلمها كاظم لا يصدق مشاعره لأنه لم يذق معنى الحب.. 
الجميع يعلم بداية قصتهم الجميع يعلم إنها من ساومته على تلك الزيجة 
زيجة كانت كالصفقة فأين سيكون الحب 
أنت مبتحبنيش يا كاظم التغير الفظيع اللي حصل في حياتنا عشان الطفل ده أولا وعشان اللي ديما كنت بتقول عليه كيميا الجسدأو يمكن بقيت شئ في حياتك اتعودت عليه
احتقنت ملامحه مع إنتفاخ أوداجه إنها تضع تفسيرات حمقاء
ولما ابطل ألمسك هتتأكدي من الحقايق ديه يا جنات.. حاضر هنفذلك اللي أنت عايزاه لاني مش الراجل اللي في دماغك..
تحرك من أمامها حتى لا يخرج منه حديث لن يعجبها بعدما شبهته بتلك الصوره ولكن شئ خفي كان يدفعه ليتوقف ويخبرها بجواب سؤالها لعلها تستريح ويحرقها من نفس وهج النيران التي اشعلتها 
مش كنت عايزه تعرفي لو مكنش جوازنا تم بالطريقة اللي اجبرتيني بيها عشان اتجوزك ايوه يا جنات مكنتش فعلا هبصلك ولا هفكر فيكي لأني راجل عملي كنت هتجوز بالعقل ارتاحتي
غادر الغرفة بعدما صفعها صڤعة قوية بحديثه ازدردت لعابها بصعوبه تطرق رأسها نحو الاسفل فقد قال الحقيقه التي بات يحاول تجميلها حتى لا يجرح كبريائها. 
.
وضعت السيدة سعاد فنجان القهوة أمامه تنطر له وقد صار الإرهاق واضح أسفل عينيه وقد انشغلت كفه اليمني في تدليك جبهته
شكلك منمتش يا بني اطلع ريح كام ساعه الشغل مش هيطير وانت عندك ناس تسد بدالك بلاش ترهق نفسك
أنا كويس يا داده
توقفت السيدة سعاد عن الحديث تشعر بقلة حيلتها في منحه ما تتمناه له وكيف لها أن تتحمل فكرة تركه والعيش في تلك الشقة القريبة التي اشتراها حتى تعيش فيها بسمه بعد مغادرتها المنزل ورغبتها المفاجأه بالعيش بعيدا عنهم
اشياء كثيرة لم تعد تفهمها ولكن بالتأكيد بسمه ستخبرها بكل شئ
هكذا كانت تخبر نفسها كلما عجز عقلها عن التفسير في تلك الأحداث التي حدثت مؤخرا
انسحبت السيدة سعاد من أمامه ولكن سرعان ما كانت تلتف إليه وقد ضاقت حدقتاها في تساؤل
داده بسمه فوق في أوضتي ياريت تطلعي ليها الفطار وتاخدي بالك منها
..
جنات أنت مجمعانا هنا من الصبح عشان نحط الخطه اللي هتوديني في داهيه مع سليم وقاعده سرحانه ده غير المفروض اروح أجهز
دلف احمس بأكواب الشاي يقلب بالمعلقه السكر ويطرق فوق حافة الكوب بطريقة درامية وكأنه يقدم المشاريب بالقهوة
احلى شاي من احلى صباح في الدنيا أنا مش عارف ليه حاسس كل واحده فيكم هترجعلي بشنطة هدومها
خرجت شهقت الخاله صباح بقوة تبصق ما بفمها عما نطقها ولدها
بعيد الشړ عنهم تف من بؤك خدوا يا حبايبي السندوتشات أهي عشان تبلعوا الشاي وانت تف من بؤك لأحسن لواحده فيهم جات غضبانه هنيمك ليله على السلم
ضحكت فتون بقوة تنظر نحو احمس الذي بالفعل قد بصق ما بفمه
انفرجت شفتي جنات بابتسامة خفيفه تنظر هى الأخرى نحو احمس والخاله صباح
أنا مش عارف أنت أمي ولا أمهم
أمهم هما أنت لقيتك جانب صندوق الزباله
غادرت الخاله صباح الغرفة وتركتهم يخططون لأمر مشروعهم الذي لا يتم فهذا ما كانت تظنهم مجتمعين من أجله
بتضحكوا طيب هقوم أفضح سركم وقالي إيه هى فكراكم بتخططوا لمشروع جديد متعرفيش إنكم بتجمعوا عصفورين كناريه في العيش السعيد وكله هيجي على دماغكم انتوا الاتنين
سليم عامل حصار على خديجة وكل ما يلين في الحكاية ديه يرجع تاني يرفض
كاظم نفس الحكايه الاتنين انانيين يا فتون
انتقلت عينين احمس بينهم
النهاردة كان بيسأل خديجة لو عايزه تكمل حياتها معاه وهو من جواه مستني تقول لاء اول

ما قالتله إنها اخدت قرارها خلاص وهتعيش تربي الطفل لو انكتب ليه يعيش.. ملامحه اتغيرت وبقى سعيد من قرارها 
مش بقولك أنانيين وكاظم بقى مقتنع أن الجوازه ديه لا تصلح خاصه بعد ما ظهرت نوايا مرات أبوه
زفر أحمس أنفاسه بضجر يلتطم فوق الطاولة الصغيرة
دوري هيكون إيه في الليله ديه بدل ما احلف ما أنا مشترك معاكم في جاحه
حملقت به جنات تعيد رسم الخطه مجددا حتى يدلف أمير الفيلا دون علم سليم
فتون بلاش تسمعي كلام المجنونه ديه عمة جوزك ست ليها مركزها وتقدر تاخد قرارها بنفسها وتقف لابن أخوها لو هى متمسكه بجوزها
رغم قناعة فتون بحديثه إلا أنها تراهم يحتاجون لهذا اللقاء العمة تستحق أن تفعل ذلك من أجلها.. هى ترى تخبطها وشوقها كلما فتحت معها حديثا عنه ولكن هناك شئ يمنعها وشئ ليس بهين
فتون أنت وسليم لازم تقضوا النهارده ليله بره الفيلا..
.
رفعت رأسها المدفونه بين ركبتيها وقد اخترق صوت صياحه بالأسفل مسمعها
بسمه أختي حببتي أنت فين وحشتي أخوكي 
وضعت كفيها فوق أذنيها فهو أخر من تريد سماع صوته هو من كان سبب لما عاشته وتعيشه
ترك الذئاب تنهش بلحمها تركها قليلة الحيله تبحث عن الحنان في أعين العزباء
بسببه حرمت من كل حلم جميل تشبثت به لن تلوم إلا هو
تعالت الأصوات داخلها تزيد من ضغط كفيها فوق أذنيها
بصعوبه تحركت من فوق الفراش تردد بشفتي مرتجفتين
هو السبب حرمني من كل حاجه.. سابهم ينهشوا فيا
دلفت السيدة سعاد المطبخ حانقة من قدومه فما الذي أتى به اليوم وفي ذلك التوقيت
انا لازم اكلم جسار بيه قال أختي حببتي قال.. أكيد عايز فلوس
اختفت السيدة سعاد داخل المطبخ فعاد الخواء يحتل عيناها الذابلتين وكل شئ عاد يسير أمامها كأنه شريط سينمائي والصوت يتردد داخلها
هو من القى بيك في هذا المصير 
لم تشعر بحالها إلا وهى تندفع نحوه بقوة لا تعرف كيف أتتها تنهال عليه ضړب وقد صډمته فعلتها فهو وقف يفتح لها ذراعيه 
يا بنت المجنونه وأنا اللي جاي أشوفك واطمن عليكي 
دفعها عنه بقوة بعدما تمكنت من وجهه وخدشته بأظافرها 
أنت السبب كل اللي أنا فيه بسببك 
انتفخت أوداج فتحي من شدة الڠضب ينفضها عنه يمسح فوق وجهه 
أنا السبب في إيه ما أنت عايشه في عز مكنتيش تحلمي بي أنا مش عارف بص ليكي على إيه عشان يتجوزك 
تحجرت مقلتيها تشعر وكأن قبضة قوية تعصر قلبها 
رمقها بنظرة ماقته ينظر لقميصه الذي انفلتت منه بضعة أزرار وقد بات وجهه يحرقه منه شدة الألم 
نظراتها صارت خاوية تنظر نحو ظهره وسرعان ما كانت عيناها تلتقط تلك المدية التي تلازمه
ارتعشت يديها ولمعت عيناها بالشړ ستقتله.. هو السبب هو من أجبرها أن تفر هاربة 
لم يعد يفصلها نحو هدفها إلا خطوه وما زال هو مشغول في النظر إلى قميصه الذي بات لا يصلح
عيناها علقت بيدها الفارغه تلتف في ذعر وشفتين مرتجفتين نحو الواقف خلفها
الفصل السادس والستون
_ بقلم سهام صادق
ازدادت رجفة جسدها هذه المرة
 

142  143  144 

انت في الصفحة 143 من 187 صفحات