الأربعاء 18 ديسمبر 2024

سجينه جبل العامري ندا حسن

انت في الصفحة 62 من 70 صفحات

موقع أيام نيوز


مجابهة الضربات التي تأتيه منه فلم يعطيه الفرصة من البداية للرد فتزايدت عليه إلى أن وقع أسفله
ما قولتلك لو اتأخرت شوية كانت جزيرة العامري كلها ولعت باللي هعمله
بقي يلكمه بغل وقهر على والده وعلى حياته ورجاله الذين لقوا حتفهم بسببه ظل يضربه پحقد وڠضب ضاري وهو ېصرخ به وأصبحت الډماء ټغرق وجهه وجسده فتقدم عاصم سريعا منه يجذبه بعيدا عنه مذكرة أنهم يريدونه على قيد الحياة..

ابتسم جبل وهو يقول ساخرا
اللي جاي صعب عليك.. هتلعن الساعة اللي سولك فيها عقلك تقف قصاد جبل العامري
أكمل بجدية شديدة وصدق
طول عمري بحب اللعب وكنت كفيل بيك لوحدي وأعرف أجيب أجلك بس كنت سايبك تحلي اللعب معايا.. كنت سايبك تخليني استمتع في الملعب.. جه الوقت اللي تستقيل فيه من اللعبة كلها
ضربه بقدمه لآخر مرة عندما استمع إلى الدق فوق الباب الذي كان أغلقه عاصم تقدم مرة أخرى ليفتحه فدلفت عناصر الشرطة متناثرة في كل مكان وتقدم اثنان منهم يقبضون على طاهر الملقى أرضا لا حيلة له..
لم يستطع الوقوف بسبب ما فعله به جبل خسر كل شيء أمامه ووقع قتيلا أسفل قدميه كيف فعلها ابن العامري لا يدري ولكن قدره السيء هو الذي ألقى بكل ما فعله في مهب الريح ليبقى الآن ذليل أمامهم وبين يديهم يعرف المصير القادم إليه سيبقى في السجون إن لم يحصل على الإعدام..
تحدث الضابط بعملية شديدة
مقبوض عليك پتهمة قتل زهران العامري.. غير التهم التانية أظنك عارفها كويس
أشار إلى عناصر الشرطة
خدوه
ثم أبعد نظره إلى جبل قائلا بمواساة
البقاء لله يا جبل..
أجابه شاعرا بالحزن يتخلل داخله
ونعم بالله
ذهب جبل و عاصم مع عناصر الشرطة كان من السهل عليه قتلة بمنتهى السهولة ولم يكن سيحاسب على قټله ولكن في حالة القټل راحة وهو لا يريد له الراحة بل يريده أن يتعذب كما عذب والده يريده أن يتجرع كؤوس المر والحزن.. يريده أن يتمنى المۏت ولا يحصل عليه..

بعد أن أشرقت الشمس عاد جبل القصر مرة أخرى ملابسه مليئة بالأتربة وجهه وملامحه تحمل حزن ومأسي العالم أجمع جسده متهدل منحني إلى الأسفل ليس ذلك الجبل الشامخ طيلة الوقت.. هناك تغيير كبير حدث في حياته فقط في بضع ساعات جعله من شخصا صلب حاد لا ينهزم بالصعاب إلى آخر لين يسهل حزنه وكسره..
دلف إلى الداخل وقارب على الصعود إلى الأعلى لينال بعض من الراحة بين أحضانها لينال بعض من الهدوء بين طيات قلبها النقي يبكي ويفرغ ما داخله دون خوف دون أن يرى أن كسرته أمامها ككسرته أمام الجميع..
لم يستطع الصعود إلى الأعلى عندما وجد والدته تناديه بصوت حاد قاسې لم تنم بعد منذ ليلة الأمس تنتظر عودته من الخارج ليجلس أمامها كطفل صغير يخطئ ويخفي خطأه عنها والآن حان وقت المحاسبة ومراجعة كل ما فعله في الأيام المنصرمة دون علمها واللجوء إليها وأخذ حديثها بعين الاعتبار..
عاد زافرا الهواء من رئتيه بضيق شديد فلا يستطيع التحمل أكثر من ذلك يكفي ما تحمله إلى الآن يود الجلوس ليفرغ ما بداخله ثم يستقبل صدمات أخرى وأفعال غير الذي قابلها..
أشارت له بالولوج إلى الغرفة ففعل ليجلس على الأريكة أتت لتجلس أمامه متحدثة بجدية
أنا عايزة أفهم كل حاجه حصلت يا جبل من البداية لحد دلوقتي..
أومأ إليها برأسه موافقا على حديثها الآن أتى الوقت المناسب للبوح بكل سر أخفاه عنها حرك رأسه مفكرا قليلا تحت أنظارها يبدو أنه لن يبوح عن كل الأسرار لا يجوز أن يفعل هذا إن كان هناك حزن مرة سابقة فلما سيكون هناك حزن للمرة الثانية على نفس السبب!..
تحدث متنهدا بعمق
أنا مكنتش بكمل مسيرة أبويا المشرفة في تجارة السلاح
قطبت جبينها باستغراب تتابعه بعينيها قائلة مستفهمة
يعني ايه
تنهد مرة أخرى يخرج ما بجوفه بجمود يلقي عليها الحديث بطريقة باردة وكأنها لا يشيء
أنا كنت شغال مع الحكومة بساعدهم في القبض على تجار السلاح
ولكن أثر الكلمات عليها كانت صاعقة لم تتحملها وهي تناظره بحدة وذهول تام تسأله
أنت بتقول ايه يا جبل
أومأ إليها يؤكد على حديثه مكملا بجدية
اللي سمعتيه أنا مش تاجر سلاح ده اللي انتوا تعرفوه والجزيرة والكل لكن الحقيقة هي أن أنا شغال مع الحكومة
حرك يديه بارهاق يشير إليها موضحا ما حدث في الأيام الماضية
مكنش حد يعرف غير عاصم وبعدين زينة سمعتنا تمارا وبعد ما خرجت من الجزيرة قالت لطاهر ولو هو متأخرش في




أنه يوديني ورا الشمس مكنش زماني هنا دلوقتي
سألته بعينان متسعة عليه ترى كذبه وخبثه عليها
كل ده كنت بتكدب عليا
نظر إليها بجدية وعمق ثم سألها وهو يتقدم للأمام منها
فرحانه ولا زعلانه بالكدبة
لم تجيبه وبقيت تنظر إليه باستغراب أليس من المفترض أنه أكمل مسيرة والده كي يأتي بحقه أليس من المفترض أنه يثأر لوالده الذي قتل على يد الشرطة منذ سنوات وشقيقه الذي ذهب غدرا وحرمت منه وهو في ربيع شبابه..
كان يعلم ما الذي تفكر به وهو تناظره بهذه الطريقة القاسېة فتحدث ساخرا مبتسما بارهاق شديد
مبتردش ليه كنتي فخوره بابنك تاجر السلاح ومستنية مصيره يبقى زي أخوه وأبوه
أجابته بقسۏة وعڼف تنظر إليه بحدة خالصة
أبوك اللي الحكومة قټلته وأخوك اللي اتاخد غدر
انفعل وهو يقترب للأمام أكثر بجسده يبغض ما تتحدث عنه ويبغض الخروج عن القانون يبغض ما فعله والده وشقيقه وتلك السمعة التي تركوها له من بعد رحيلهم.. يبغض أنه رجل قانون وهم خارجين عنه يبغض أنه تخلى عن حلمه لأجلهم
أبويا اللي قتل نفسه لما مشي في الطريق ده وأخويا مصيره كان لازم يبقى زيه لأنه شجعه وسهل ليه شغله بره وجوا مصر
سخرت منه وهي تعود بذاكرتها للخلف تتذكر شجاره الدائم مع والده وشقيقه تتذكر كم كان يكره ما يفعلونه وذلك اليوم المشؤوم الذي ترك الجزيرة به متخليا عن الجميع لأجل أن يسير في طريق نظيف
أنت راجل القانون اللي مكانش عاجبك حالهم
تابعها وهو يرى سخريتها الممېتة منه ألا يحق له أن يكون رجل ناجح نظيف برئ من كل التهم المنسوبة إليه ألا يحق له أن يكون شاب يسير في دروب الحقيقة والعدل! لقد وقع في طريق الظلام عنوة عنه وعندما أراد الخروج ترك ما يحبه ويبغاه
اديكي قولتي راجل القانون
أشار إلى نفسه بحدة كبيرة يتحدث بقسۏة وغلظة يخرج النيران الحبيسة داخل أعماقه منذ الكثير من السنوات ينتظر أن تعبر عن رضاها عما فعله
لازم تبقي فخورة بيا.. لازم تحسي إن ابنك مافيش زيه.. أنا حميت ناس كتير ووقفت مع ناس كتير.. أنا مستني نظرة رضا منك عن كل اللي عملته
صمتت قليلا تنظر إلى الأرضية تبعد عيناها عنه تتذكر كل شيء مر عليهم منذ سنوات وكأنه حدث بالأمس يمر أمامها شريط سريع لكل شيء ولكن قلبها يقول غير الذي حفظته عن ظهر قلب يقول إنها خسړت اثنان وبفضل الوحيد المتبقي جعل رائحة الراحل معها وأتى بابنته إليها ليفعل كل ما يرضيها أتى بها بالحب والحنان وأصبح والد آخر لها أتى بها إلى جدتها لتشعر بأن ولدها مازال معها وهو في الحقيقة تركها منذ زمن..
تنهدت زافره الهواء بهدوء ونظرت إليه بعد أن فكرت في حديثه لدقائق بسيطة ينتظر بها ردها الفاصل لكل ما فعله
وأنا راضية عنك يا جبل مهما عملت.. صحيح أنت ذكي ومخلتنيش أشك فيك ولا مرة بس كنت حاسه أنك بتعمل حاجه صح..
ابتسمت بحب قائلة وهي تقترب تضع يدها تربت على فخذه
ربنا يرضى عليك
ابتسم بارهاق وهو ينظر إليها پضياع لو تعلم أن والده كان على قيد الحياة منذ سبع سنوات واليوم حتى لقى حتفه على يد طاهر لو تعلم أنه هو الذي طلب منه إخفاء هذه الحقيقة لو تعلم أن الجالس أمامها ېموت قهرا روحه ټنزف ألما وقلبه يبكي بدلا من عينيه الظاهرة للجميع دماء..
تنهد بعمق محاولا الثبات أكثر تركها وصعد إلى الأعلى غير مصدقا أنه وصل إلى باب الغرفة فتح الباب وولج إلى الداخل لينظر إليها نائمة على الفراش يبدو أنها تغط بنوم عميق فالصباح أشرق منذ القليل..
تنهد للمرة التي لا يعلم عددها وهو يشعر بالعجز دالفا إلي الداخل يجلس على الفراش يعطيها ظهره..
وجد من يحيطه من الخلف فاستدار ينظر إليها ليجدها جلست على الفراش تغمره لا يدرى متى استيقظت فسألها باستغراب
كنتي نايمة
حاوطته بيدها وغمرته بقلبها تجيبه بهدوء تحاول أن تزيل النعاس
لأ أنا صاحية لحد من شوية بس غفلت.. كلمتك كتير أوي موبايلك كان مقفول
تابعت مظهره الغير مهندم وملابسه المتسخة غير مظهره الذي لا يوحي بالخير فتفوهت مستفسرة
عملت ايه مال شكلك والأمان تجعله يشعر بأنها جواره في كل الأحوال تنتظر


الحديث لتستطيع أن تخفف عنه وتواسيه.. وهو هكذا فقط تربت على أحزانه ونظراته المنكسرة لا شيء غير ذلك.. فقط تنظر إلى ما يصدر عنه تشعر بأن هناك حمل ثقيل يحمله وحده فوق أكتافه ويبدو أنه أكبر بكثير من المرة السابقة..
إلى هذه الدرجة تخلل الحزن قلبه وتغلب عليه الألم والقهر إلى هذه الدرجة لم يعد قادرا على التحمل ليلقي كل آلامه هنا بين أحضانها صامتا لا يخرج منه شيء سوى أنفاس وعبرات محترقة لا يسمح لها بالخروج أبدا مهما حدث..
بعد وقت آخر مر وهو على نفس الحال رفع وجهه إليها بعدما شعر أنه أصبح أفضل من ذي قبل ينظر إليها پألم تنساب الحړقة من عيناه دون أي مجهود منه ليصل إليها..
سألته واضعه يدها أعلى كف يده على الفراش تضغط عليه لتشعره بوجودها
ايه اللي حصل
تنهد بعمق ناظرا إليها بسخرية
ايه اللي حصل.. سؤال بسيط بس الإجابة صعبة أوي يا غزال
ابتسمت بهدوء قائلة برفق
هسمعك
زفر الهواء بحدة وعاد للخلف يستند إلى ظهر الفراش ينظر إليها ثم بدأ في الحديث يقص عليها كل شيء من البداية بعد أن انكشف سره إلى الجميع لما هي لا
أبويا هو اللي كان تاجر سلاح.. بيساعده يونس يونس اللي طمع في الفلوس والجاه والغنى وأنه يبقاله كلمة مسموعه وسط الناس كبرها في دماغه ووسع نشاطه بقى أكبر تاجر سلاح في البلد..
كانت تستمع إلى حديثه بعينان دامعة وقلب ېنزف كرها إلى هذه الدرجة كانت غبية مخدوعة به إلى هذه الدرجة مر عليها سنوات معه ولم تستطع أن تفهم ولو مرة واحدة أو تشك بأنه يفعل أشياء غير قانونية يطعمها هي وابنتها بمال محرم مغطى بدماء الكثير من الأبرياء.. ودوما كان يحذرها من جبل وكأنه هو الذي يأخذ مكانه وذلك البرئ يونس لا يوجد مثله رجل وقور مثقف ومهذب!..
شعر بما تفكر
 

61  62  63 

انت في الصفحة 62 من 70 صفحات